للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: القول في علة القياس]

...

الفصل الثالث: وهو القول في علة القياس

وفيه الكلام الكثير وقد وقع فيه الخبط العظيم ولابد أن نعتبر في ذلك زيادة اعتناء ليظهر ما هو الحق من ذلك بعون الله تعالى وتوفيقه.

واعلم أن العلة١ مأخوذة في اللغة من العلة التي هى المرض لأن لهذه العلة تأثير بيان الحكم كتأثير العلة في ذات المريض وقيل: سميت العلة علة لأنها ناقلة بحكم الأصل إلى الفرع كالانتقال بالعلة من الصحة إلى المرض.

والأول أحسن لأنا بينا أن غير المتعدية من العلة تكون علة وقيل إن العلة مأخوذة من العلل بعد النهل وهو معاودة شرب الماء مرة بعد مرة لأن المجتهد في استخراجها يعاود النظر بعد النظر.

وأما حد العلة: فقد قالوا: إنها الصفة الجالبة للحكم.

وقيل: إنها المعنى المثير للحكم٢.

واعلم: أن علة الحكم شرط في صحة القياس ليجمع بها بين الأصل والفرع وذهب بعض القائسين من أصحاب أبى حنيفه وغيرهم إلى أن القياس يصح بغير علة إذا لاح بعض الشبه احتجاجا بأن الصحابة حين قاسوا لم يعللوا وإنما شبهوا فجمعوا بين الشئ والشئ لمجرد التشبيه من غير تعليل مثلما فعلوا بالجد والإخوة وغير ذلك.

وذهب جمهور القائسين من الفقهاء والمتكلمين إلى أن العلة لابد منها في القياس وهو ركن القياس ولا يقوم القياس إلا بها والدليل على ذلك أنه لا يخلو إما أن يرد الفرع إلى الأصل بسبب جامع بينهما أو بغير سبب ولا يجوز أن يكون بغير سبب لأنه لا


١ ثبت في الأصل اللغة ولعل الصواب ما أثبتناه.
٢ اختلف الأصوليون في تعريف العلة:
عرفها الرازي بأنها المعرفة للحكم انظر المحصول "٢/٣١١" الأحكام "٣/٢٨٩".
عرفها الغزالي بقوله: الوصف المؤثر في الحكم لا بذاته بل يجعل الشرع عرفها الآمدي بأنها الوصف الباعث على الحكم انظر المحصول "٢/٣١١" الأحكام "٣/٢٨٩" نهاية السول "٤/٥٤, ٥٥" أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "٤/٦١, ٦٢, ٦٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>