للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في الإجماع وما يتصل بذلك]

[مدخل]

...

القول في الإجماع وما يتصل بذلك.

اعلم أن الإجماع هو اتفاق أهل العصر على حكم النازلة ويقال اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة١ هذا الحد أحسن واختلفوا في معنى تسميته بالإجماع فقال قوم هو مأخوذ من اجتماع الأقوال عليه فصار بالاجتماع إجماعا وقال آخرون بل هو مأخوذ من الجمع الذي هو العزم من قولهم قد أجمع فلان على كذا إذا عزم عليه ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أي اعزموا عليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل" أي يعزم عليه وينويه وهذا المعنى باللغة والأول بالشرع أشبه وعلى المعنى الثاني يصح الإجماع من الواحد وعلى المعنى الأول لا يصح إلا من جماعة والإجماع إذا أطلق في اللغة قد يفهم منه العزم على الشيء والإجماع على الشيء من اثنين فصاعدا وأما في الشرع فإن الإجماع إذا أطلق لا يتناول إلا اجتماع الأمة على الحق ثم اعلم بعد هذا أن الإجماع ممكن وانعقاده متصور وقال قوم انعقاد الإجماع غير متصور وغير ممكن وهذا باطل لأنه لما كان الإجماع في الأخبار المستفيضة ممكنا وجب أن يكون الإجماع باعتقاد الأحكام ممكنا لأنه كما يوجد سبب يدعو إلى إجماعهم على الأخبار المستفيضة يوجد أيضا سبب يدعو إلى إجماعهم باعتقاد الأحكام يدل عليه أن من تبين بشرع فإنه لا يستجيز كتمانه إلا عن تقية في بعض المواضع فأما إذا لم يكن هناك تقية ولا خوف فإنه لا يستجيز كتمانه وإخفاءه وإذا ثبت هذا إذا اجتمعت الجماعة على اعتقاد أو حكم واستفاض ذلك فيما بينهم أو لم ينكر أحد منهم ذلك لو خلو اعتقد أحد منهم خلاف ذلك لأنكره أما صريحا أو تعريضا فصار.


١ الإحماع لغة: يطلق بإطلاقين:
أحدهما: العزم على الشيء والتصميم عليه ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} أي اعزموا عليه وقوله عليه السلام " لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل" أي يعزم.
وثانيهما: الاتفاق يقال: أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا عليه أما الإجماع عند الأصوليين فهو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد عليه السلام في عصر من العصور على أمر من الأمور تيسير التحرير ٣/٢٢٤ انظر نهاية السول ٣/٢٣٧ إحكام الأحكام للآمدي ١/٢٨٠ والمحصول ٢/٣ جمع الجوامع ٢/١٧٦ روضة الناظر ١١٦ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>