للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفتى فإن أخل بها لم يحل للفتيا ولايحل لسائل علم بحالة أن يستفتيه.

فأما إذا علم المفتى جنسا من العلم بدلائل وأصوله وقضى فيما سواه كعلم الفرائض وعلم المناسك لم يجز أن يفتى في غيره.

واختلفوا في جواز فتياه في الذى اختص بعلمه فجوزه بعضهم لإحاطته بأصوله وقصره فيما سواه كعلم الفرائض وعلم المناسك لم يجز أن يفتى في غيره. واختلفوا في جواز فتياه في الذى اختص بعلمه فجوزه بعضهم لإحاطته بأصوله ودلائله ومنعه أكثرهم في الفتيا فيه لتجانس الدلائل وتناسب الأحكام امتزاجا لا يتحقق أحكام بعضها إلا بعد الإشراف على جميعها ويلزم الحاكم من الاستظهار في الاجتهاد أكثر مما يلزم المفتى ويأثم بالتسهيل وطلب الترخيص أكثر مما يأثم المفتى وإن كان كل واحد منهما مأمور بإمعان النظر واجتناب الرخص لأن في القضاء إلزاما ليس في الفتيا ويجب فيه ما لا يجب في الفتيا [فافترقا] .

[مسألة] ١: وقد قال أصحابنا: إنه لا بد للقاضى أن يكون عالما عدلا٢.

وعند أبى حنيفة: يجوز أن يكون القاضى جاهلا فاسقا٣ على معنى أنه يصلح لذلك.

ويقولون إنه لا ينبغى ان يولى القاضى إلا العالم العدل.

قالوا: واذا فسق بعد تقليد القضاء يجب على السلطان أن يعزله وقد ذكر الخصاف من أصحابهم في كتاب آداب القضاة أن القاضى إن ارتشى وقضى لا ينفذ قضاؤه وأن كان القضاء بحق فبعضهم قال بهذا على القول الذى اختاره أصحابنا أنه إذا فسق ينعزل.

وقال بعضهم: الانعزال بالفسق ليس بمذهب وانما قاله بعض أصحابنا من غير أن نعرف أنه مذهب أبى حنيفة٤ لكن على ظاهر مذهبه وإن كان لا ينعزل لكن في هذه الصورة لاينفذ قضاؤه لأنه وجب عليه القضاء لله عز وجل فإن القضاء رأس الطاعات والعبادات ولهذا لا يجوز للقاضى أن يأخذ الأجرة على القضاء فاذا ارتشى وقضى


١ بياض في الأصل.
٢ روضة الطالبين "١١/٩٦".
٣ انظر الهداية "٣/١١٢".
٤ روضة الطالبين "١١/٩٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>