صارت لغوا مع النص وإذا صارت لغوا لم يجز تعليق الحكم بها وإذا ثبتتا بهذا تبين بهذا أن حكم العلة التعدية لا غير ونظيره من العقود الحوالة ما لها حاكم سوى التحويل من ذمة إلى ذمة ونحن قد أجبنا عن هذا وبينا صحة مثل هذه العلة وذكرنا فائدتها فلا معنى للإعادة.
والحرف لنا: أن التعليل عندنا إذا أفاد حكم بصحته فيكون لتعدية الحكم تارة ويكون لقصر الحكم على المنصوص عليه تارة وقد سبق بيان هذا رجعنا إلى ما كنا فيه.
وأما التعليل المتعدى فوجود ومعناه في غيره كتعليل غير البر والشعير في الطعم والكيل الموجود في البر والشعير فهو أصل في نفسه وأصل لغيره فيجوز مثل هذا أن يكون أصلا للقياس وسواء أجمع القائسون على تعليله وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه لو روعى انعقاد الإجماع على تعليله لبطل القياس لأن نفاة القياس ممتنعون من تعليل الأحكام.
والثاني: أنه لو روعى انعقاد الإجماع على تعليله لروعى انعقاد الإجماع على علته ولو روعي هذ لما استقر قياس إلا بالإجماع وهذا مدفوع بالإجماع.
والجملة أن عندنا كل أصل يوجدد معناه في غيره جاز القياس عليه سواء كان ما ورد به النص مجمعا على تعليله أو مختلفا فيه وكذلك سواء كان موافقا لقياس الأصول أو مخالفا وكلا الأصلين قد سبق وهذا الذى قلناه في الأصل الذى عرف بالنص فأما ما عرف بالإجماع فحكمه حكم ثابت بالنص في جواز القياس عليه على التفصيل الذى قلناه في النص.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز القياس عليه ما لم يعرف النص الذى أجمعوا لأجله وهذا غير صحيح لأن الإجماع أصل في إثبات الأحكام كالنص فإذا جاز القياس على ما ثبت بالنص جاز على ما ثبت بالإجماع وأما ما ثبت بالقياس على غيره فهل يجوز أن يستنبط منه معنى غير المعنى الذى قيس به على غيره ويقاس عليه غيره اختلف أصحابنا في ذلك: والصحيح أنه لايجوز لأنه إثبات حكم في الفرع بغير علة للأصل وذلك لا يجوز.
ومثال هذا: أنا نقيس الأرز على البر بعلة الطعم فلو استخرج من الأرز معنى لا يوجد في البر وقيس عليه غيره في الربا فهذا محال لأختلاف الأصحاب وقد ذكرنا أن الصحيح أنه لا يجوز لأن علة جريان الربا في الأرز الطعم فلو استخرج منه معنى سوى