الطعم وقيس عليه غيره أدى إلى ما ذكرنا وهو إثبات الحكم في الفرع بغير علة الأصل وهذا لأن الفرع ما شارك أصله في علة حكمه فإذا لم يشارك لم يكن فرعا وأما إذا قاس الأرز على البر بعلة الطعم ثم قاس الذرة على الأرز بعلة الطعم فهذا لا معنى له لأن الذرة والأرز جميعا فرعان للبر فإذا جعل الذرة فرعا للأرز لم يكن هذا أولى بأن يجعل الأرز فرعا للذرة وإذا لم يكن أحدهما أولى من الآخر وجب أن يكونا جميعا فرعين للبر.
فإن قال قائل: ما قولكم في الأصل في حكم الربا أهو النص أم البر؟ قلنا: قد اختلفت الفقهاء والمتكلمين في هذا:
قال بعضهم: الخبر هو الأصل للبر ولكل مطعوم ومكيل لأن الحكم مأخوذ منه فصار أصل الكيل هو الخبر.
وقال بعضهم: الأصل هو الحكم المعلل لثبوت الربا لأنه المطلوب في الفرع فكان هو الأصل في الفرع.
والصحيح: هو المذهب الثانى وتمامه أن الخبر أصل للبر والبر أصل لكل ما يقاس عليه وهذا ظاهر حسن فليعتمد عليه إذا عرفنا هذه الأصول التي يقاس عليها فنقول ما لا يثبت من الأصول مأخذ هذه الطرق أو كان يثبت ثم نسخ فلا يجوز القياس عليه لأن الفرع إنما يجعل فرعا لأصل ثابت فإذا كان الأصل غير ثابت لم يجز إثبات الفرع من جهته.
وقال أبو زيد في هذا الفصل: مذهب علمائنا أن الأصول كلها معلولة ولا يجب العمل مما جعل علة أوصاف الأصل إلا بدليل يميز به بين علته وبين غيره من الأوصاف ومع وجود هذا أيضا لا يجب العمل بها إلا بدليل يدل على كون الأصل شاهدا للحال.
وحكى عن الشافعى رضي الله عنه أن الأول يجب وهو الذى يميز الوصف الذى هو علة من غيره ولا يجب أكثر من هذا.
واستدل فيما اختاره وفسره وقال: مع هذا الذى ذكره الشافعى يحتاج إلى دليل يدل على كون الأصل شاهدا يعمل بشهادته لأن الأصول وإن كانت معلولة في الأصل بالدلائل الموجبة للقياس فقد احتمل واحدا بعينه من بين الجملة أن لا يكون معلولا وقد وجد بالإجماع نصوص غير معلولة فلا يكون حجة على الفرع مع قيام هذا الاحتمال