للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصلة بين الحقيقة والمجاز وعند الإشكال والاشتباه يحمل على الحقيقة إلا أن يقوم الدليل على المجاز.

واعلم أن الكلام الواحد يجوز أن يكون له حقيقتان وقد يتفقان على المضادة.

والدليل على جواز ذلك وجوده فإن الاسم العين يطلق على عين الرأس وعين الماء وهو حقيقة فى كل واحد منهما والقرء اسم للحيض والطهر والشفق اسم للحمرة والبياض وليس هذا بأكثر من المحمل الذى يصح وروده لما يقترن به من البيان كذلك هاهنا صح أيضا لما يستعمل فيه من البرهان وقد يكون اللفظ له حقيقتان فيحمل اللفظ عليهما جميعا كاسم الناض فى الذهب والفضة واسم الماشية حقيقة فى كل نوع من الإبل والبقر والغنم فإذا ورد مثل هذا اللفظ فى موضع يحمل اللفظ على كل ما هو حقيقة فيه إلا أن يخص أحدهما دليل.

وأما إذا تناول الاسم الواحد شيئين متضادين كالحيض والطهر فى القرء وما أشبه ذلك والحمرة والبياض فى الشفق فإنه يصار إلى الترجيح بالدليل فيرجح أحدهما على الآخر ويصير الحكم الراجح ويجوز أن يرد تغيير بنيهما فى الشرع فيخير المكلف أحدهما وهذا اللفظ الواحد إذا كان له حقيقتان متضادتان فهذا وجه الكلام فيما قصدنا والله أعلم.

مسألة يجوز أن يراد باللفظ الواحد معنيان مختلفان.

وسواء كانا حقيقتين أو مجازين أو أحدهما حقيقة والآخر مجازا وهذا قول أبى على الجبائى وعبد الجبار وأحمد وزعم أصحاب أبى حنيفة أنه لا يجوز أن يراد باللفظ الواحد معنيان مختلفان وهو قول أبى القاسم ويزعم الضميرى من أصحابهم أن هذا قول أبى حنيفة على الخصوص وأن عند أبى يوسف ومحمد يجوز ذلك١.

واحتجوا فى ذلك وقالوا: أن الحقيقة هى اللفظ المستعمل فى موضعه والمجاز هو اللفظ الذى يجوز به عن موضعه ولا يجوز أن يكون اللفظ الواحد مستعملا فى موضعه ومستعملا فى غير موضعه فى حالة واحدة بل يستحيل ذلك كما يستحيل الاقتصار على الشىء والمجاوزة عنه فى حالة واحدة.


١ انظر المسودة ١٦٦ التصريح على التوضيح ١/٨٧, ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>