للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى وقد تقدس البارى عن ذلك وتعالى عنه علوا كبيرا.

وقولهم أن المقصود من الأمر طلب الفعل فإنا قد ذكرنا وجها للفعل وذكرنا أيضا أن فائدة استحقاق العقاب كان فى تصحيح الأمر فسقط هذا السؤال.

وقد قال الأصحاب على قولهم أن الكافر إذا أسلم يسقط الأمر بالصلاة لأنه إنما سقط بعفو الشرع وذلك بقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] ولأجل أنا إذا أوجبنا عليه قضاء ما سبق من الصلوات والصيامات الفائتة والزكوات [والخراج] ١ [المسير الماء فيه] ٢ أدى ذلك إلى تنفيرهم عن الإسلام وقد ذكرنا هذا فى المسائل الفقهية وما ذكرنا أولا كاف.

وأما طريقة أبي زيد فنقول قوله أن الكافر ليس من أهل العبادة.

قلنا ليس معنى هذا إلا أنه إذا فعل العبادة لا يصح وهو باطل بالجنب الذي قدمناه لأن الجنب ليس من أهل فعل الصلاة مثل الكافر ليس من أهل فعل الصلاة.

ولكن قيل هو من أهل الصلاة عند تقديم الطهارة فصح الأمر عن فى حقه وأن لم يكن على طهارة كذلك الكافر من أهل الصلاة عند تقديم الإسلام فصح الأمر فى حقه وأن لم يكن فى الحال مسلما.

وأما قوله أن العبادة لاستحقاق الثواب وهو ثمن الجنة على ما زعم.

قيل له ليس صحة الأمر بالعبادة بكونه من أهل الجنة لأنه ليس لصحة العبادة من المسلم باستحقاق الجنة فإنه قد قام الدليل لنا أن الثواب الموعود محقق بفضل من الله تعالى وأنه لا يجب على الله تعالى حق لأحد وإنما صحة العبادة بورود السمع بها وانضمام شرطها إليها والإيمان بالله تعالى أحد شرائطها غير أن صحة الأمر لا تقف على وجود الشرط بل يكفى فى صحة التمكن من إيجاد الشرط على ما سبق كذلك هاهنا وعلى أنه أن لم يكن تصحيح الأمر ليفعل المأمور فيثاب عليه يمكن تصحيحه حتى إذا ترك يعاقب عليها.

فإن قالوا: لا يصح الأمر لهذا.

قلنا ولم وقد سبق الجواب عن هذا والجواب الأول أولى وأحسن ويبطل هذه الطريقة بالإيمان بالرسل فإنه يخاطب به وكما أنه خوطب بالصلاة ليثاب عليها.


١ أثبتناه من الهامش.
٢ ما بين المعكوفين غير مقروء في الأصل ولعله ما أثبتناه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>