للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيسقط وعلى القول الثاني غير فرض إلا أن لا يقوم به الغير فيجب.

وذهب بعضهم إلى أنه أن غلب على ظنه أن يقوم به غيره لا يجب عليه وأن غلب على ظنه أنه لا يقوم به احد وجب عليه وهذا وجه حسن والخلاف الأول محض صورة لاظهور فائدة فلا أرى له معنى١ واذ قد ذكرنا معنى العلم فلا بد أن نذكر معنى العقل وما قيل في حقيقته.

وقد قيل أنه أصل لكل علم وكان بعض أهل العلم يسميه أم العلم وقد اكثر الناس الخلاف فيه قبل الشرع وبعده ومن كثرة اختلاف الناس فيه قال بعضهم.

سل الناس أن كانوا لديك افاضلا ... عن العقل وانظر هل جوات٢ محصل

وقد جعله المتقدمون جوهرة وقالوا: أنه جوهر لطيف يفصل به بين حقائق المعلومات قالوا: وهذا فاسد لانه لو كان جوهر لصح قيامه بذاته فجاز أن يكون عقل بلا عاقل كما جاز أن يكون جسم بغير عقل فحين لم يتصور ذلك دل أنه ليس بجوهر وأما عند كافة المسلمين فهو نوعا من العلم يدخل في جملة اقسامه واختلفوا في حقيقته على أقاويل شتى وقد روى عن الشافعي رحمه الله أنه قال آلة التمييز.

وقال بعضهم العقل بصر القلب وهو بمنزلة البصر من العين ندرك به المعلومات كادراك البصر المشاهدات قاله أبو الحسن عن ابن حمزة الطبري.

وقال بعضهم هو قوة يفصل بها بين حقائق المعلومات وقال بعضهم معنى العقل هو العلم لا فرق بينهما لانه لا فرق عند أهل اللغة وأرباب اللسان بين قولهم علمت وعقلت فيستعملون العلم والعقل على حد ولاحد في معنى واحد ويقولون هذا أمر.


١ بل قال الشيخ أبو النور زهير: تظهر ثمرة الخلاف فيمن علم بوجود ميت مثلا وشك هل قام غيره بما يلزمه له من تغسيل وتكفين أو لم يقم بذلك فعلى رأي الجمهور يجب عليه السعي ليتبين حقيقة الأمر ولا يسقط عند الطلب بهذا الشك لأن الطلب متعلق به على سبيل التحقيق والوجوب المحقق لا يسقط بالشك أما على المذهب الثاني فإنه لا يجب عليه السعي لأن الخطاب لم يتوجه إليه والأصل عدم تعلقه به انظر أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ١/١١٥, ١١٦.
قلت أي لا يرفع يقين بظن ضده والأصل على الثاني عدم تعلق الخطاب به والشك لا يرفع اليقين.
٢ قال الفيروزآبادي جوت مثلثة الآخر مبنية دعاء الإبل إلى الماء وقد جاوتها وجايتها أو زجرلها والاسم الجوات انظر القاموس المحيط ١/١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>