أنه لا دليل عليه أنه لو قلت:[قلمكم قال] ١ هذا الفرق وقال الواجب ما ثبت بدليل مقطوع به والفرض ما ثبت بدليل مظنون لم يكن عنه خلاص وأما الذى تعلقوا به من قولهم أن ما ثبت بهذا الدليل مخالف فى الرتبة ما ثبت بذلك الدليل فوجه الجواب المعتمد عنه أن الكلام فى الواجب العملى وهو الذى تتكلم فيه الفقهاء فيما بينهم وأما العلم ليس له تعرض أصلا والواجب عملا تستوى مراتبه سواء كان ثبوت الشىء بدليل قطعى يوجب العلم أو بدليل اجتهادى يوجب الظن والعقاب فى كل واحد عند تركه عملا مثل العقاب في صاحبه وكذلك واحد لا يسع تركه صاحبه إذا استويا من هذا الوجه استغنى عن التفريق الذى ذكروه.
وأما كلامهم الثانى قلنا إذا تراجعنا اللغة فلفظ الوجوب أدل على اللزوم من لفظ الفرض لأن الفرض اسم مشترك يكون بمعنى الإنزال مثل قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}[القصص: ٨٥] أى أنزل ويكون بمعنى البيان مثل قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا}[النور: ١] ويكون بمعنى التقدير يقال فرض القاضى النفقة أى قدر ويكون بمعنى الإيجاب كقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}[البقرة: ١٩٧] أى أوجب فالإلزام أحد معانى الفرض وأما الوجوب له معنى واحد وهو السقوط وقد اقتضى الإلزام من حيث هذا المعنى الواحد فكان هذا الاسم أخص فى الإلزام من لفظ الفرض فلا أقل أن يستويا وأما التأثير فى المحل فلا معنى له لأن الإلزام على الإنسان لا يظهر له تأثير فى المحل حسا بوجه ما فلا معنى لاعتباره.
مسألة الفعل بوصف الكراهة لا يتناوله الأمر المطلق
وذهب أصحاب أبى حنيفة إلى أنه يتناوله والخلاف تظهر فائدته فى قوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩] فعندنا هذا لا يتناول الطواف بغير طهارة ولا الطواف منكوسا وعلى مذهبهم يتناوله فإنهم وأن اعتقدوا كراهية هذا الطواف ذهبوا إلى أنه دخل فى الأمر حتى يتصل به الإجزاء الشرعى وعندنا يدخل ولا جواز لمثل ذلك الطواف واعلم أن هذا المثال على أصلهم يتصور وأما عندنا أن ذلك طواف مكروه بل لا طواف أصلا لأنه قام الدليل عندنا أن الطهارة شرط فى.
١ هذا ما استطعنا إثباته والذي في الأصل رسم هكذا "فلم لم قالب" ولعل الصحيح ما أثبتناه أو "فلم لو قال".