لو دل النهي على الفساد لكان ناقصا بالتصريح بالمنهي عنه بكن الثاني منتف فانتفى الأول وهو الدلالة على الفساد وثبت نقيضه وهو عدم الدلالة وهو المطلوب "أتى بدعوى الخصم ورتب عليها وأبطل المرتب فتبطل دعوى الخصم وتثبت دعواه وهذا دليل الخلف" قوله "لكان ناقصا..الخ" رأى لو دل على الفساد لتناقض مع لا تكتب وإن كتبت صح "ما دام لم يدل على الفساد يثبت أنه ممكن أن: أ - يدل على الصحة ب - لا دلالة له أي مجرد الكف عن الفعل ولذلك قال: عدم الدلالة ولم يقل الصحة" أما الملازمة فظاهرة "فإن أقام عليها الدليل فهو متبرع ما دامت ظاهرة" لأن الدلالة على الفساد تناقض التصريح بالصحة من غير شك ولا مراء "قوله من غير شك..الخ" وجه كونها ظاهرة فكأنه قال فاسد صحيح وهو تناقض". وأما الاستثنائية: فلأنه يصح لغة وشرعا أن يقول: نهيتك عن الربا لعينه ولو فعلت لعاقبتك لكنه يحصل به الملك "فصح مع النهي التصريح بالصحة". ويجاب بمنع الملازمة "الجملة الشرطية" لأن قيام الدليل الظاهر وهو النهي على معنى وهو الدلالة على الفساد لا يمنع التصريح بخلافه بل التصريح يكون قرينة صارفة عن الحمل على الظاهر الذي يجب الحمل عليه عند التجرد عن القرينة "التصريح بالصحة مع النهي قرينة صارفة للنهي من الفساد إلى غير فلا تناقض" "أي من الدلالة على الفساد إلى غيره" "لولا القرينة لوجب حمل دلالته على الفساد". واستدل قسم من أصحاب المذهب الثاني وهو القائل على دلالته على الفساد شرعا أما أنه لا يدل على الفساد لغة فلأن فساد الشيء عبارة عن سلب أحكامه أي عدم ترتب ثمرته وآثاره عليه وليس في لفظ النهي ما يدل عليه لغة قطعا إذ لو دل عليه لغة لكان في قول القائل لا تبع هذا ولو فعلت لعاقبتك "ولكن يترتب على الفعل أحكامه" تناقض وليس بتناقض اتفاقا "في اللغة" وأما أنه يدل على الفساد شرعا فلما يأتي: أولا: لو لم تكن العبادة المنهي عنها فاسدة لكانت مأمورا بها "يقابل الفساد الصحة" "واجتماع النقيضين باطل" لأن الصحيح ما وافق الأمر لكنها وقت النهي ليست مأمورا بها وإلا لزم أن تكون مأمورة الفعل بالأمر ومطلوبة النهي بالترك وهو جمع بين الضدين "وقت النهي تكون مأمورا بها للصحة ومنهي عنها للفساد وهو باطل". ثانيا: إن علماء الأمصار في جميع الأزمنة تمسكوا في استدلالهم على فساد الربا بمجرد النهي عنه من غير نكير عليهم من أحد فكان ذلك إجماعا وإذا ثبت دليل الفساد في النهي عن الربا وهو لأمر خارج لازم للعقد ثبت في غيره مما كان فيه النهي لذات العقد أو لأمر داخل فيه من باب أولى. ثالثا: لو لم يفسد الفعل المنهي عنه لزم من نفيه حكمة يدل عليها النهي ومن ثبوته يدل عليها............=