غير ذلك الوجه بقى على العدم وإذا بقى على العدم لا يصلح لثبوت حكم شرعى.
فإذا قالوا: أن قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا}[البقرة: ٢٧٥] يتناول كل ما يسمى بيعا فيجب أن لايوجد بيع ما إلا وهو داخل تحت الأية فإذا وردت السنة بزيادة شرط أو تسمية محل فلا يخرج العقد من كونه بيعا لظاهر الأية فإذا كان بيعا دخل تحت المشروعية.
قالوا: وعلى أن صحة البيع تعرف بالفعل ولو لم يرد شرع بالبيع لكنا نعرف بالعقل أن من كان له ملك فى شيء فجعله لغيره يصير لذلك الغير وإذا عرف بالعقل لم يكن عدم ورود المشروع دليلا على انعدامه.
والجواب أما الأية قلنا معنى الأية:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} على ما ورد به بيان السنة.
والدليل عليه أنه لايحل إلا على ذلك الوجه الذى وردت به السنة ولأنه تعالى قد قال عقبه:{وَحَرَّمَ الرِّبا} وعندهم الربا عقد منعقد مقيد للملك على ما ينعقل غير الربا ويفيده.
وأما قولهم أن صحة البيع تعرف بالعقل.
قلنا هذا محال لأن البياعات عقود شرعية بإجماع الأمة والعقود الشرعية لا تعرف إلا بالشرع ثم نقول أن سلم لكل مسلم أن البيع وإفادته الملك كان يعرف بالعقل لكنا لم نترك العقل بل رددنا إلى الشرع وقد صارت البياعات شرعية بإجماع الأمة.
ألا ترى أن جواز الإقدام على البيع وغيره كان يعرف بالعقل والأن قد ارتفع ذلك حتى لا يجوز الإقدام على عقد ما إلا إذا كان على مايوافق الشرع وإذا صارت شرعية ظهر ما قلنا أن ما لم يرد به الشرع بقى على عدم المشروعية ولا يجوز أن يفيد حكما شرعيا بحال.
واعلم أن هذا الذى قلناه ظاهر فى البياعات والأنكحة وسائر العقود وهو فى العبادات أظهر وذلك لأن المفعول عبادة فإذا كان منهيا عنه لم يكن عبادة ولأن العبادة ما يتناوله المتعبد من المعبود والمنهى عنه لا يتناوله المتعبد فلا يكون عبادة.
ويمكن أن يقال ما لا يتناوله المتعبد لا يسقط التعبد وإنما قلنا أن المنهى عنه لا يتناوله المتعبد لأن التعبد ما يتناول ماله صفة زائدة على حسنه والمنهى عنه لا يكون حسنا فكيف تثبت له صفة زائدة على الحسن وجميع ما ذكرناه فى كلامهم يمكن.