للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى أن لا ندعى الفساد بصيغة النهى لكن نقول إنما جاء الفساد من حيث معنى النهى وذلك المعنى على ما سبق.

وأما قولهم أن معنى الفاسد كذا ومعنى الجائز كذا.

قلنا قد قام الدليل أن القضاء يجب بأمر جديد فكيف يكون معنى الفاسد مع أنه يجب قضاؤه والقضاء لا يجب بالأمر الأول بحال وليس هذا بشيء.

وقولهم أنه يجوز أن النهى عن الشىء لنوع مفسدة تتصل بالمفعول وأن كان هو فى نفسه جائز.

قلنا النهى عن نفس الشىء لا يكون إلا لمفسدة فى عينه فلا يتصور أن يكون جائزا وهذا لأنه إذا ورد النهى عن نفس الشىء فإن كان عبادة انتفى منه التعبد وأن كان من عقود المعاملات انتفى منها الإطلاق والإباحة وما لا يكون مباحا لا يكون مشروعا وإذا لم يكن مشروعا لم يبن عليه حكم الشرع.

وأما قولهم أن النهى صيغة لغوية والجواز والفساد شرعيان.

قلنا وأن كان النهى لغة لكن عرفنا أن أهل اللسان عقلوا أن ذلك لما لا يتصل به المطلوب بالفعل والأمر لما يتصل به المطلوب بالفعل ثم قد ذكرنا أن النهى إنما نفى الشرع بالوجه الذى سبق ذكره.

وأما المسائل التى تعلقوا بها فنقول أولا أن الأصول الممهدة من الشرع لا تنتقض لأنه ما من أصل من أصول الشرع إلا وقد وجدنا له موضعا فى الشرع مخالفا له غير أن ذلك لا يعد نقضا لذلك الأصل المشروع الموضوع وإنما عدل فى ذلك الموضع عن ذلك الأصل بدليل يقوم عليه من إجماع ونص أو غير ذلك.

ببينة: أن النهى فى اقتضاء الفساد كهو فى اقتضاء التحريم وقد يعدل به من التحريم إلى التنزيه ولا يخرج النهى من أن يكون دالا على التحريم فكذا تصور النهى فى بعض المواضع عن الفساد لوجود القرائن المانعة من الفساد لا يدل على أن النهى فى وضعه لا يدل على الفساد وأمثال هذا يكثر ثم نقول أن النهى إذا ورد عن نفس الشىء حقيقة فلا بد أن يوجب فساد المنهى عنه.

فأما إذا كان النهى واردا عن نفس الشىء لكن عن معنى آخر غيره وأضيف إلى الشىء مجازا عن ذلك المعنى فإنه لا يوجب فساد المنهى عنه وعلى هذا تخرج المسائل أما الصلاة فى الأرض المغصوبة فالنهى ليس عن الصلاة لكن عن شغل أرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>