للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لارتكابه النهى وفعله الحج على وجه المعصية فلم تدخل هذه المسألة على الأصل الذى قلناه.

وأما طريقة أبى زيد فاعلم أن معتمده فى طريقته هو أن النهى لا يتحقق إلا مع تصور المنهى عنه فقد قال الأصحاب أنه متصور لولا النهى فلتصوره لولا النهى صح النهى والنهى يعمل عمله على ما قدمناه ويمكن أن يعبر عن هذا فيقال أن النهى لإعدام الشىء شرعا لا لإعدامه حسا فلما أنه متصور حسا صح النهى عنه ولما أن النهى قضيته نفى المشروعية عن المنهى عنه على ما سبق انعدم شرعا.

وقولهم أن المنهى عنه هو الصوم المعلوم والبيع المعلوم فى الشرع وأما مجرد الإمساك فليس بصوم ولو كان صوما فهو صوم لغة لا شرعا فوجب الحكم بتصور الصوم حقيقة والبيع حقيقة حتى يصح النهى وجوز الأصحاب من هذا ما قلناه أنه قد يتصور لولا النهى فهذا لا يدفع الإشكال فليس مما يقنع به الخصم ويمكن أن يجاب فيقال الصوم الذى هو فعل العبد ليس إلا النية مع الإمساك وهذا متصور من العبد وقد صح النهى لتصوره منه وأما خروجه عن كونه صوما شرعا ليس لمعنى من قبله لكن لعدم إطلاق الشرع ذلك أو يقال لعدم قبول الشرع إياه لنهيه عنه والصوم لا يكون صوما إلا بفعل العبد واتصال أمر الشرع به فصار المفعول صوما من حيث النظر إلى فعل العبد وصح النهى لذلك ولم يكن صوما من حيث النظر إلى إطلاق الشرع كذلك أوامره به وليس غرض الحكيم من كلامه إلا تحصيل النهى فإذا تحقق النهى بما قلناه حتى إذا ارتكبه كان عاصيا لارتكابه النهى فاعلا ما منع منه وحظر عليه والمنهى عنه ما يعاقب على فعله وقد وجد بما فعله العبد على وسعه وطاقته وليس فى وسعه الصوم إلا بهذا الذى وجد منه وإذا ثبت تحقق النهى يسقط ما قالوه جملة وهذا لأن الصحة والفساد معنيان متلقيان من الشرع وليس إلى العبد ذلك وإنما العبد ذلك إيقاع الفعل باختياره فإن وقع فعله على وفق أمر الشرع صح شرعا وانبنت عليه الأحكام الشرعية وإذا وقع على خلاف أمر الشرع كان الأمر باطلا ولم يبتن عليه الأحكام الشرعية ولهذا أبطلنا صوم الليل مع تحقق الإمساك الحسى فيه عن المفطرات وكذلك إمساك المرأة عن المفطرات فى حال حيضها متحقق حسا وصورة ولكن لما لم يوافق أمر الشرع لم يثبت له الحقيقة الشرعية.

ونقول أيضا ذكر الصوم والبيع وغير ذلك فى النهى ليس لتحقيق هذه العقود.

<<  <  ج: ص:  >  >>