ونحن نقول المعنى بما ذكرناه من الشك هو أنه يحتمل أنه لا يتناوله والخاص لا يحتمل أن لا يتناوله وهذا مسلم ونقرر هذا الدليل بوجه آخر وهو المعتمد فنقول الخبر العام يتناول ما تناوله الخاص على ما زعموا ولكن لا تعارض فى هذا التناول لأن الخاص يتناوله بصريح لفظه من غير أن يكون فيه احتمال أن لا يتناوله وأما العام فيتناوله لا بصريح لفظه بل بظاهر عمومه ويحتمل إلا يتناوله وإذا لم يستويا فى التناول لم يقع التعارض فوجب القضاء بما له الترجيح.
وإذا رجحنا سقط النسخ وتصور صورة ليكون الكلام أوضح فنقول قول القائل لا تقتلوا اليهود يمنع من قتلهم أبدا وقوله من بعد اقتلوا الكفار يوجب قتلهم فى حالة من الحالات.
والقول الأول يمنع من قتلهم فى تلك الحالة وإذا تمانعا على هذا الوجه والخاص أخص باليهود وأقل احتمالا وجب القضاء به والكلام الوجيز فى هذا الدليل أن القول بالنسخ من غير دليل على النسخ باطل والقول بترجيح الخاص على العام فيما تناولاه مانع من قيام دليل النسخ.
وأما الجواب عن كلامهم.
وأما الأول قلنا لو جعلنا الجملة كالآحاد المذكورة واحدا واحدا لا متنع تخصيص كل عموم فى العالم كما ذكروا واحدا واحدا لم يجز تخصيص واحد منهم من الأعداد المذكورة ثم نقول اللفظ العام يجرى مجرى الآحاد المذكورة واحدا واحدا فى أصل التناول ولا يجرى مجراها فى امتناع دخول التخصيص عليه ألا ترى أن اللفظ الذى يذكر فيه الأعداد واحدا واحدا لا يجوز أن يخرج شىء منه بالتخصيص بخلاف اللفظ العام.
وأما دليلهم الثانى قلنا مجرد احتمال النسخ لا يدل على النسخ وكذلك المتآخر وعلى أنه كما أن الخاص المتقدم يحتمل أن ينسخ فالعام المتآخر يحتمل أن يخص فلم يكن أحدهما أولى من الآخر وعلى أنا بينا الدليل المانع من النسخ.
وقولهم أن المتآخر دليل النسخ قلنا وهل نوزعتم فى هذا الموضع إلا فى هذا.
وأما اعتراضهم على دليلنا بقولهم أن فى بناء العام على الخاص بترك القول بالعموم.