وأما دليلنا قال الأصحاب وربما نسبوا إلى الشافعى أن الجملة التى عطف بعضها على بعض بواو العطف تجرى مجرى الجملة الواحدة لأن واو العطف فى الأسماء المختلفة يقوم مقام واو الجمع فى الأسماء المتماثلة ولا فرق عند أهل اللغة بين قولهم أكرم العرب إلا الطوال منهم وبين قولهم أكرم مضر وربيعة وقحطان إلا الطوال منهم وكذلك لا فرق عندهم بين قوله اضرب بنى ربيعة وتميما إلا الطوال وبين قولهم بنو تميم وربيعة اضربوهم إلا الطوال منهم وإذا صار الجميع كالجملة الواحدة انصرف الاستثناء إلى الكل.
قالوا: على هذا أن واو العطف تجرى مجرى واو الجمع فى اشتراك الاسمين فى الحكم مثل قول القائل اضرب فلانا وفلانا أو أكرم فلانا وفلانا.
أما من أين قلتم أنه يجرى مجرى واو الجمع فى انصراف الاستثناء إليها هذا مجرد الدعوى ثم نقضوا ذلك بالجملتين المتباينتين وهو قوله أكرم ربيعة واضرب بنى تميم إلا الطوال وإنما ينصرف الاستثناء إلى بنى تميم خاصة ثم قالوا: فى قوله ربيعة وبنو تميم اضربوهم إلا الطوال منهم إنما انصرف الاستثناء إليها لأن الاستثناء ينفصل بقوله اضربوهم وفيه اسم الفريقين فينصرف الاستثناء إليهما.
وأما إذا قال اضرب بنى تميم وربيعة إلا الطوال فلم يتصل الاستثناء باسم فيشمل الفريقين وقالوا: أيضا أن الواو قد تكون للعطف وقد تكون للنظم على ما بينا.
ومعلوم أنه إذا قال الرجل أكرموا من يزورنا وقد حبست على أقاربى دارى هذه واشتريت عقارى الذى تعرفونه من بيت فلان وإذا مت فأعتقوا عبيدى إلا الفاسق منهم فإن الواو فى هذه المواضع يفيد أن يكون للعطف وجعل الجملة بمنزلة الجملة الواحدة فدل أنها للنظم.
وقوله إلا الفاسق ينصرف إلى ما يليه.
الجواب أنا نقول أن الجمل المعطوف بعضها على بعض تصير بمنزلة الجملة الواحدة إذا لم تكن فى الآخر ما يدل على الإضراب عن الأول لأنه إذا لم يكن إضرابا عن الأول فالإتيان بحرف العطف بين الجملتين والتعقيب بالاستثناء الذى أصل رده إلى الكل يدل على أنه لم يتم غرضه من الكلام الأول.
والدليل على أنه لم يضرب عن الأول بالثانى أنه فى الخطاب أضاف إلى الحكم الأول حكما آخر مبتنيا على السبب الأول وهذا فى آية القذف ظاهر.