عقد عليهن على الترتيب أو عقد عليهن دفعة واحدة فكان إطلاقه القول من غير استفصال واستبراد حال دليلا دالا على أنه لا فرق بين أن تتفق العقود عليهن معا أو يوجد العقود متفرقة عليهن فإن قال قائل يجوز أن النبي صلى الله عليه وسلم علم كيفية الحال فلهذا لم يسأل وأطلق الجواب وأيضا فإن كان الرسول عليه السلام لم يقف على الكيفية فى هذه الحادثة ولا يعرف استبهام الكيفية فى كل حادثة تنقل على هذا الوجه.
والجواب المطلق إنما يمكن حمله على العموم إذا كان مبتنيا على استبهام الحادثة.
والجواب أن دعوى معرفة النبي صلى الله عليه وسلم لكيفية العقود من غيلان بن سلمة وهو رجل من ثفيف ورد عليه ليسلم والتعرف لأمثال هذه المواقعات يبعد من الآحاد من الناس فكيف يلائم حال الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا غاية البعد.
والذى ذكر ثانيا فنحن إنما ندعى العموم فى كل ما يظهر فيه استفهام الحال ويظهر من الشارع إطلاق الجواب فلا بد أن يكون الجواب مسترسلا على الأحوال كلها وعلى أن وجه الدليل واضح من خبر غيلان بن سلمة فى الأحوال كلها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال أمسك أربعا فأجملهن ولم يخصص فى الإمساك أوائل عن أوآخر أو أوآخر عن أوائل وفوض الأمر إلى اختيار من أسلم ولذلك قال لفيروز الديلمى وقد أسلم على أختان:" اختر أيهما شئت وفارق الأخرى" ١ فقد علق على اختياره على الإطلاق من غير تعرض لأولى وأخرى.
١ أخرجه أبو داود الطلاق ٢/٢٨٠ ح ٢٢٤٣ والترمذي النكاح ٣/٤٢٧ ح ١١٢٩ - ١١٣٠ وقال هذا حديث حسن وابن ماجه النكاح ١/٦٢٧ ح ١٩٥١ وأحمد المسند ٤/٢٨٤ ح ١٨٠٦٣.