لكن صونا فى خطابه لعبده لأنه أظهر ولو قال لعبده شرط دخولك الدار دخول عمرو أو قال شرط سفرك سفر عمرو علمنا أنه لم يوجب عليه السفر مع فقد سفر عمرو وبينته أن الشرط هو الذى يقف عليه الحكم فلو ثبت الحكم مع عدمه لكان كل شىء شرطا فى كل شىء حتى يكون دخول زيد الدار شرطا فى كون السماء فوق الأرض وأن وجد ذلك مع عدم الدخول.
والدليل على أن المعقول من الشرط ما ذكرناه أن يعلى بن منبه سأل عمر بن الخطاب فقال ما بالنا نقصر وقد أمنا فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فلو لم يعقل من الشرط نفى الحكم عما عداه لم يكن لتعجبهما معنى.
فإن قيل يجوز أنهما إنما تعجبا لأنهما علما من الآيات الواردة فى الكتاب وجود الإتمام وأن حال الخوف مستثناة من الآيات والباقى ثابت على الأصل فى الإتمام فلهذا تعجبا.
والجواب أن هذا كله زيادات وللعلماء كلام كثير فى أن الأصل كيف كان فى الصلاة وقد قالت عائشة رضى الله عنها كانت صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين فأقصرت صلاة السفر وزيدت فى صلاة الحضر وقد قيل غير هذا وإذا اختلفت الروايات فى هذا فكان التعجب مما صرح به الآيات وهو شرط الخوف فى القصر ثم القصر مع الأمن فكان الاستدلال قائما.
واحتج أبو زيد لنا وقال أن تعليق الحكم بالشرط بنفيه عما قبله ويعدمه على اعتبار أنه لولاه كان موجودا إلا ترى أن قوله لعبده أنت حر توجب وجود الحرية صفة للعبد فإذا قال أن دخلت الدار وتعلق به العتق أوجب إعدامه عن محله ونفيه مع وجود قوله أنت حر فثبت أن التعليق كما يوجب الوجود عند الشرط يوجب النفى عما قبله وكذلك التعليق الحسى فإن تعليق المنديل بحبل بسماء البيت توجب وجوده فى الهواء ونفيه عن الأرض والمكان الذى يكون فيه لولا تعلقه وليس الشرط كالعلة فإن العلة يتعلق بها ابتداء ثبوت الحكم وانعدام قبل أوليته الوجود لا يكون علة الوجود ولكن بانعدام علة الوجود فلم يكن من حكم العلة إلا وجود الحكم عندها فإنه السبب لابتداء الوجود والتعليق لتغيير حكم الوجود بعد وجود سبب الوجود فجرى مجرى الأصل هذا كلامه.