للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانى أن لفظ البيان أظهر من قوله أنه إخراج الشىء من حيز الإشكال إلى حيز التجلى.

ومن حق الحد أن يكون أظهر من المحدود.

وقد قال القاضى أبو الطيب ما كان إيضاحا لمعنى وإظهارا له فهو بيان له وما دون ذلك فلا يكون بيانا والذى يبينه الله تعالى ابتداء إيضاح لما جهله الناس وما لم يتبينوه فيجوز أن يدخل تحت حد البيان.

والذى قالوا: أنه أغمض من البيان المعروف فليس بشىء لما ذكرناه من دليله.

وحكى القاضى أبو الحسن الماوردى عن جمهور الفقهاء أن البيان إظهار المراد بالكلام الذى لا يفهم منه المراد إلا به وهذا الحد أحسن من جميع الحدود لأن البيان فى اللغة هو الظهور والكشف من قوله بان الهلال إذا ظهر وأبان ما فى نفسه إذا أظهر ويعترض الحد الذى ذكره المتكلم فيقال أن الله تعالى قد قال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤] فى الكتاب دليل فدلت الآية أن البيان غير الدليل.

وقول أبى بكر الدقاق فى الحد حسن أيضا.

وإذا عرفنا الحد فاعلم أن النص والظاهر والعموم ودليل الخطاب والفحوى كل هذا بيان وقد ذكرنا من قبل حد العموم وحد دليل الخطاب وفحواه فنذكر الآن معنى النص والظاهر وحدهما فنقول.

النص ما رفع فى بيانه إلى الحكم غايته ومنه منصة العروس ترتفع عليها على سائر النساء وتتكشف لهن بذلك.

ومما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص معناه رفع فى السير على ما كان يسير من قبل.

ومنه قول امرىء القيس:

وجيد كجيد الريم ليس بفاحش ... إذا هن نصته ولا بمعطل

وقال القاضى أبو حامد النص ما تعرى لفظه عن الشركة ومعناه عن الشبهة وقيل ما استوى ظاهره وباطنه وقيل كل لفظ مقيد لا يتطرق إليه تأويل١.


١ النص لغة: بلوغ الشيء ومنتهاه وعند الأصوليين يطلق بإطلاقين:
أحدهما: ما دل على معناه من كتاب أو سنة وثانيهما: ما دل على معناه من غير احتمال والمراد بالنص هنا هو الإطلاق.
انظر نهاية السول ٢/٦٠, ٦١ والمحصول ١/٤٦٢ انظر البرهان ١/٤١٢, ٤١٣ روضة الناظر ١٥٦, ١٥٧ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٢/١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>