للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"١ وهذا محمول على أن الأمر هو النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من جعل الأمر على الوقف حتى يقوم دليل والصحيح ما قدمنا ومما يلحق بالفصل الذى ذكرناه من قبل أن تقرير النبي صلى الله عليه وسلم غيره على ما يشاهده منه شرع استدل به الشافعى فى إثبات القافة٢ من خبر محرز المدلجى ونظره إلى أسامة بن زيد وهما نائمان وعليهما قطيفة وقد بدت أقدامهما فقال هذه الأقدام بعضها من بعض٣ وسرور النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وذكره لعائشة رضى الله عنها مستبشرا بقوله ووجه الاحتجاج بالخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسره إلا الحق وقد قال محرز ما قاله بالقافة فإنه كان معروفا بهذا العلم فلما سره قوله تبين أنه مسلك صحيح وقوله مصدر عما صدر عنه حق وهذا هو الجواب عن قول من قال معترضا على الخبر أن قول محرز كان موافقا للشرع فإن أسامة ولد على فراش زيد والقول الصادر على وفق الشرع لا يكون دليلا على أنه فى نفسه حق وحجة ألا ترى أن الفاسق لو قال أن هذه الدار لفلان وعزاها إلى مالكها فلو قرر الشرع مثل هذا على قولكم لم يكن دليلا على أن قول الفاسق مقبول محكم به.

والجواب على هذا ما سبق ويقال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو لم يكن معتقدا قبول قول القائف لعده من الزجر والفال وما يقال بالحدس والتخمين ولما أبعد أن يخطىء فى تواضع أن أصاب فى هذا الموضع وكان ينبغى أن لم يكن القافة حقا أن ينبهه على غلط وهو قوله بهذا الطريق حتى لا يتخذه مسلكا يسلكه فى سائر المواضع فيخطىء فى غير هذا الموضع وأن أصاب فى هذا الموضع فمقداره الاحتجاج بالخبر وهو وجه حسن واضح داخل فى أستار القلوب والله أعلم.

مسألة: ويلحق بهذا الفصل الكلام فى تعبد نبينا عليه السلام بشريعة من قبله

اعلم أنه يجوز أن يتعبده الله تعالى بشريعة من قبله من الأنبياء ويأمره باتباعها ويجوز أن يتعبده بالنهى عن اتباعها ولا لبس فى وجوب هذا أو عدمه استبعاد ولا استنكار ولأن.


١ أخرجه البخاري الأذان ٢/٩٢ ح ٦٠٣ ومسلم الصلاة ١/٢١٦ ح ٢/٣٧٨.
٢ انظر البرهان ١/٤٩٨.
٣ أخرجه البخاري الفرائض ١٢/٥٧ ح ٦٧٧١ ومسلم الرضاع ٢/١٠٨٢ ح ٣٩/١٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>