والثانى كذب باطل وإذا جرى هذا الكلام مجرى خبرين أحدهما صدق والآخر كذب سقط السؤال ثم نقول قد بينا أن معنى قولنا أن الخبر يدخله الصدق والكذب هو أنه إذا قيل للمتكلم به صدقت أو كذبت لم يكن باطلا من حيث اللغة وفى هذه الصورة لا يكون الصدق أو الكذب باطلا من حيث اللغة وإنما وجه بطلانه بدليل يدل عليه فإن قال قائل ما الصدق وما الكذب قلنا الصدق هو الإخبار عن الشىء على ما هو به والكذب الإخبار عن الشىء على خلاف ما هو به وهذا حد المتكلمين والأولى أن نقول إذا كان المخبر على ما تضمنه الخبر فهو صدق وإذا كان بخلافه فهو كذب ويكفينا هذا القدر.
وإذا علمنا حد الخبر فنقول الأخبار على ثلاثة أضرب.
خبر يعلم صدقه فهو حق وخبر يعلم كذبه فهو باطل وخبر يحتمل الصدق والكذب فهو ممكن أن يكون حقا أو باطلا.
فالمعلوم صدق كالخبر ففى اجتماع الصدق والخبر نقصان الواحد من الاثنين وكالخبر ببياض العاج وسواد القار ويدخل فى هذا ما علم بضرورة العادة كالخبر بحدوث الولد عن أبوين وبطلوع الشمس من المشرق وقد يعلم الصدق بالدليل المكتسب مثل الخبر بحدوث العالم بوحدانية الصانع وبالدليل العرفى مثل قولهم الطعام مشبع والماء مروى.
وأما الخبر الذى يعلم كذبه فهو الخبر الذى يقابل الضروب التى قلناها والخبر الذى يعلم صدقه بطريق العكس وهو كالخبر باجتماع الضدين بزيادة الواحد على الاثنين إلى آخر ما ذكرناه وقد يعلم صدق الخبر وكذبه بقرائن تتصل بالخبر وذلك أن الخبر الواحد يخبر ويعمل به جميع الأمة أو يخبر الواحد بخبر ويصدقه الجم الغفير وأما القرينة الدالة على الكذب فهو أن يخبر الواحد بخبر ويعلم الأمة بخلافه أو يخبر الواحد بخبر ويكذبه الجم الغفير وفى الأول نظر وسيأتى من بعده وأما الخبر الذى يمكن أن يكون صدقا أو يكون كذبا فهو كالإخبار بلقاء زيد أو بكلام عمرو وكذلك الإخبار بخصب السنة وحدها والإخبار بموت فلان وبحياته وبصحته ومرضه وغناه وفقره وأمثال هذا تكثر ثم اعلم أن الخبر صيغته موضوعة فى اللغة يدلك على ما وضعت له وقالت الأشعرية لا صيغة له مثل ما لا صيغة للأمر والنهى والعموم والخصوص وقد فرق بعضهم بين الخبر وغيره وجعل للخبر صيغة والدليل عليهم أن لم يجعلوا له صيغة ما ذكرناه من قبل فلا مقيد ثم اعلم أن الخبر ضربان متواتر وآحاد فللآحاد باب مفرد.