للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم كانوا يطلبون عيسى عليه السلام يريدون قتله وهم لا يعرفونه بحلته وإنما جعلوا لرجل منهم جعلا فدلهم على شخص فى بيت فهجموا عليه وقتلوه وزعموا أنهم قتلوا عيسى عليه السلام وأشاعوا الخبر وإذا كان مخرج الخبر به اعتورته هذه الآفات كان معدوم شرائط الصحة غير موثوق به وقد أخبر الله تعالى فى كتابه بالحماية من شرطه وقال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: ١٥٧] فوجب الأخذ بهذا ونزل ما زعموه للآفات التى عرضت عليه فيه وأما ما يدعيه المجوس من نبوة زرادشت فإن الخبر فى ذلك لم يصدر عن جماعة وجد فيهم شرط الأخبار المتواترة فإن الوارد فى خبره أنه خرج فى زمن ملك كان يسمى بشتاين وآمن به الملك وأمر الناس بالإيمان به وزعم أنه أراه المعجزات الدالة على صدقه فصدقوه على ذلك رغبة ورهبة وآمنوا به وتابعوه ثم نقول أن الدين الذى دعا إليه زرادشت وما فى مردودهما مذهب قد بلغ فساده بالدلائل القطعية وهو فى نفسه قول متناقض فإن أصل مذهبهما هو القول بالأصل من النور والظلمة أو نرد ظاهر مرد هذا طريق بين الفساد ظاهر الأشخاص والانحلال فصارا كذابين لعينين ولا يجوز أن يظهر الله تعالى المعجزات على يدى الكذابين عليه فبهذا الطريق عرفنا أن تلك الأخبار عن أولئك القوم باطلة وإذا ثبت لنا أن خبر التواتر يفيد العلم فهو يفيد العلم الضرورى وعنده أنه القسم الحسى يفيد العلم الكسبى والكلام معه يرجع إلى معرفة العلم الضرورى وهو العلم الذى لا يخالجه شك ولا يدخله ريب ولا يمكن للإنسان دفعه عن نفسه بوجه ما وهذا المعنى موجود فى العلم الحأصل بخبر التواتر كما هو موجود فى العلم الحأصل بالعيان وقد ذكر المتكلمون فى هذه المسألة كلاما كثيرا إلا أن مرجعه إلى أصول الكلام فتركنا ذلك غناء عنه واقتصرنا على القدر الذى يحتاج إليه الفقهاء.

واعلم أن الأصوليين من أصحابنا قد قسموا التواتر إلى قسمين فقالوا:.

أحد قسمى التواتر ما يرجع إلى عين الشىء.

والقسم الثانى ما يرجع إلى معناه دون عينه١.


١ اعلم وفقك الله أن المتواتر ينقسم قسمين:
أولا: متواتر لفظي: هو خبر جماعة يفيد العلم بنفسه بمخبره مع اتحاد المخبر به في اللفظ مثل أن ينقل جماعة يستحيل تواظؤهم على الكذب قوله عليه السلام "إنما الأعمال بالنياب وإنما لكل امرئ ما نوى"........=

<<  <  ج: ص:  >  >>