وان ادعيتم النقل بالتواتر كان ذلك محالا لان النقل من جهة التواتر يوجب العلم الضروري وذلك يوجب استواء طبقات الناس فيه قالوا: ونحن معاشر الواقفية مصرون على أنه لم يقع لنا العلم بذلك وقد مرت علينا الدهور والازمان ونحن مقيمون على هذا الخلاف واين العلم الذي تدعونه وتزعمونه.
قالوا: وأن نسبتم قولكم إلى الشرع فالكلام على النقل الشرعى مثل ما قلناه على من ادعى النقل من جهة العرب وقد بينا التقسيم فيه وبطلان وجهى ذلك فهذا مثله هذا حجة القاضي ابى بكر محمد بن ابى الطيب ونهاية ما قالوا:.
واما حجتنا فنقول اجمع أهل اللغة على أن اقسام كلام العرب أربعة اقسام أمر ونهى وخبر واستخبار وقالوا: الأمر قوله افعل والنهى قوله لا تفعل والخبر قوله زيد في الدار والاستخبار قوله أزيد في الدار ومعلوم انهم إنما ذكروا الاقسام المعنوية في كلامهم دون ما ليس له معنى فإذا قلنا أن قوله افعل ولاتفعل ليس له معنى مقيد بنفسه بطل هذا التقسيم ببينه أن الخبر والأستخبار كلام مقيد بنفسه من غير قرينة تتصل به فكذلك الأمر والنهى وهذا الحقيقة وهى أن وضع الكلام في الأصل إنما هو للبيان والافهام وعلم المراد من الخطاب ولو كان بخلاف ذلك لجرى مجرى اللغو والأخبار التى يقع القصد منها إلى المغايرة وتعمية المراد وذهبت فائدة الكلام أصلا وهذا ظاهر الفساد وإذا ثبت أن القصد من الكلام هو البيان واعلام مراد المخاطب فنقول المعلومات متغايرة في ذواتها مختلفة في معانيها ولا بد لها من أسماء متغايرة ليقع التمييز بتغايرها بين المعلومات فيحصل البيان عن المراد ولا نعرف فيها الاشكال ومن جملة المعلومات التي لابد من البيان عنها الأمر والنهى والعموم والخصوص والتفريق والتخيير إلى ما سوى ذلك من المعلومات والعرب قد جعلت للأمر اسما وللنهى اسما وكذلك للتخيير والعموم والخصوص وغير ذلك وهو مثل ما وضعوا الاسامى المنفردة لمعانى معلومة ووضعوا الحروف التى هي ادوات لمعانى معلومة ايضا وإذا ثبت هذا فالواجب أن يكون كل شيء منها محمولا في الأصل على ما جعل سمة له ودلاله عليه وأن يكون معقولا من ظاهره ما اقتضته صورته إلا أن يرد دليل ينقله عنه إلى غيره ليصير الغرض من الكلام واللبس مرتفعا فالبيان حأصلا والاشكال زائلا ومن حاد عن هذه الطريقة فقد جهل لغة العرب ولم يعرف فائدة.