يقبل خبر الواحد فيما يعم به البلوى مع اعتقاده أن خبر الواحد يوجب العمل فأما أن لا يقبله لأن الشريعة منعت من قبوله أو لأنه ليس فى الشريعة ما يدل على قبوله أو لأنه لو كان صحيحا لأشاعه النبى صلى الله عليه وسلم وبين على وجه متواتر نقله ليصل إلى من تعبد بموجبه على ما ذكروا من قبل قالوا: ولو فعل ذلك لقوى الدين والعادة إلى إشاعة نقله وهذه الأقسام كلها باطلة أما الأول فباطل لأنه لو كان فى الشرع نص منع من قبوله لوجدناه مع البحث المستديم فإن قالوا: أليس قد رد عمر خبر أبى موسى فى الاستئذان.
ورد أبو بكر رضى الله عنه خبر معاذ فى الجدة قلنا كان ذلك نوع احتياط وليس أنهما لو لم يأتيا براوى آخر لم يقبلا وعندكم خبر الاثنين أيضا يعم به البلوى وأما الثانى فباطل أيضا لأنا قد قلنا بالدلائل القطعية على قبول أخبار الآحاد من غير تفصيل وتخصيص وأما الثالث فباطل أيضا وهو الحرف الذى ذكرنا فى حجتهم أنه إذا كان الحكم فيما يعم به البلوى يجب فى الحكم إشاعته فنقول على هذا إذ ما يجب ذلك لو لزم المكلفين العمل به على كل حال فأما إذا لزمهم العمل بشرط أن يبلغهم الخبر فليس فى ذلك تكليف ما لا طريق إليه ولو وجب ما ذكروه فيما يعم به البلوى لوجب فيما لا يعم به البلوى أيضا لأنه وأن كانت البلوى لا تعم به لكنه يجوز وقوعه لكل واحد من آحاد الناس فيجب فى الحكم إشاعة حكمه خوفا من أن لا يصل إلى من يعمل به فيصبح فرض عليه فإن قالوا: لا يلزم القول وجوب إشاعته لأنه إنما يكلف المكلف ذلك الحكم بشرط وصوله إليه وأن لم يصل إليه لم يكن مكلفا قلنا أن جاز هذا فى الآحاد من الناس جاز فى جماعتهم وعلى أن وجوب الوتر يعم به البلوى ولم يتواتر بوجوبه قال أبو الحسن الكرخى قد تواتر النقل بفعله قلنا هذا لا يعصمكم من المناقضة لأن الفعل يعم به البلوى والوجوب أيضا يعم به البلوى ولم يتواتر به النقل جواب آخر أن الحكم وأن عم به البلوى فليس هو بشىء وقعت واقعته فى الحال لكل أحد فى نفسه وذاته بل غاية ما فى الباب توهم وقوعه وإذا لم يكن إلا محض التوهم فإذا وقع يمكن الوصول إلى موجب الحكم لأن حكمه وأن نقله الواحد والاثنان فالتمكن من الوصول إليه موجود فيكفى ذلك لأنه إذا أمكنه الوصول فليس يضيع الحكم وأما مسألة الإمامة قلنا وجود الإمام للإنسان فرض على كل إنسان وواقعته فى الحال لأنه لا بد لكل أحد من إمامة ترجع إليه فلو كان النص الذى ادعوه فى على رضى الله عنه ثابتا وقد شاع النبى صلى الله عليه وسلم ذلك فإنهم يدعونه كذلك ويقولون أنه صلى الله عليه وسلم أشاع العهد فى الإمامة يوم غدير.