ببينة: أنه لما لم يشترط فى الشهادة مع أن الاحتياط فيها أكثر والاستقصاء فيها أشد فكيف يعتبر فى الرواية وقد جرى فيها من المساهلة ما لم يجر فى الشهادة.
وقولهم إنهم كانوا ينقلون بالمعنى قلنا وكيف يخفى معنى الحديث على مثل أبى هريرة ودونه وقد كانت الأخبار جاءت بلسانهم التى عرفوها وعرفوا عليها فعله باللسان يمنع من اشتباه المعنى وعدالته وتقواه دافع لتهمة المزيد والنقصان عليه وأن قال يجوز أن يغلط فهذا أمر مثله موجود فى الفقيه وغير الفقيه وموجود فى الشهادات ومع ذلك لم يلتفت إليه فدل ما ذكرناه أن ما قاله هذا الرجل باطل.
وعندى أن من قال أن خبر الواحد على الجملة لا يقدم على القياس أعذر ممن قال مثل هذه المقالة التى مرجعها إلى التصرف فى الصحابة وتطريق الناس للطعن عليهم والغمز فيهم ونسأل الله تعالى العصمة من مثل هذه المقالة الوحشة والعجب أنه يذكر فى أبى هريرة رضى الله عنه ما يذكر وقد نص صاحبهم أنه ترك القياس فيما إذا أفطر ناسيا وراوى ذلك الخبر أبو هريرة رضى الله عنه فقد خالف صاحبه والذى يعتنى كل هذا الاعتناء للذب عن مذهبه وأما حديث عمر رضى الله عنه فى فاطمة بنت قيس فالمراد بذلك فى السكنى وقد ذكرنا فى الخلافيات الفروع والله أعلم.
مسألة: لا يجب عرض الخبر على الكتاب ولا حاجة بالمخبر إلى إجازة الكتاب.
وذهب جماعة من أصحاب أبى حنيفة إلى أنه يجب عرضه على الكتاب١ فإن لم يكن فى الكتاب ما يدل على خلافه قبل وإلا فيرد وذهب إلى هذا كثير من المتكلمين.
وقال أبو زيد فى أصوله خبر الواحد ينتقد من وجوه أربعة العرض على كتاب الله ورواجه بموافقته وزيافته بمخالفة ثم على السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى السنة التى ثبتت بطريق الاستفاضة ثم العرض على الحادثة فإن كانت الحادثة مشهورة لعموم البلوى بها والخبر شاذا كان ذلك زيافة فيه وكذلك أن كان حكم الحادثة بما اختلفت بين السلف اختلافا ظاهرا ولم ينقل عنهم المحاججة بالحديث كان عدم الحجاج زيافة فيه وقال أما الأول فكما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل وأن كان.
١ انظر نهاية السول ٣/١٧٣ المحصول ٢/٢١٥ حاشية الشيخ محمد بخيت المطيعي ٣/١٧٣ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٢٩.