للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطوا الكل ممن يراه حكم الصحبة ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "طوبى لمن رآنى ولمن رأى من رآنى" فالأول هم الصحابة والثانى هم التابعون ولأنه عليه السلام قال: "خير الناس قرنى الذى بعثت فيهم" وأراد بهم الصحابة فكل من روى عنه أو رآه فهو قرنه الذى بعث فيه إلا أنه مع هذا لا بد من رؤية أو رواية للإجماع.

وأما التابعون فعلى طبقات فالطبقة الأولى منهم قوم لحقوا العشرة أو أكثرهم كسعيد ابن المسيب هكذا قال أبو عبد الله الحاكم وحكاه الأستاذ أبو منصور البغدادى وتبعه وهذا خطأ لأن سعيد بن المسيب لا يصح له رواية عن أحد من العشرة إلا عن سعد بن أبى وقاص وولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضى الله عنه وتوفى سنة أربع وتسعين وقيل سنة ثلاث وتسعين نعم قد قيل أن سعيد بن المسيب أفقه أهل الحجاز فى زمانه ويقال أنه أعلم التابعين بقضاء عمر وأما الذين أدركوا العشرة أو أكثر العشرة فجماعة من التابعين من أهل الكوفة والبصرة مثل قيس بن أبى حازم ومسروق بن الأجدع وأبى عمرو الشيبانى وعمرو بن ميمون وعلقمة بن قيس وأبى وائل شقيق بن سلمة وأبى رجاء العطاردى وأبى عثمان النهدى وأبى شاشان حصين بن المنذر الرقاشى وغيرهم وقد خرج التابعون على خمسة عشر طبقة آخرهم من لقى أنس بن مالك والسائب بن يزيد وأبا أمامة الباهلى وواثلة بن الأسقع وغيرهم وهذا علم كبير وذكره يطول وقد.


= وهذا يوجب حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة هذا هو الأصل قال: ومع هذا فقد تقرر للأمة عرف أنهم لا يستعملون إلا فيمن كثرت صحبته وذكر المذهب الثاني وكذا قال صاحبه الخطيب أيضا لا خلاف بين أهل اللغة أن الصحبة التي اشتق منها الصحابي لا تحد بزمن بل يقول صحبته سنة وصحبته ساعة ولذا قال النووي في مقدمة شرح مسلم عقب كلام القاضي أبي بكر: وبه يستدل على ترجيح مذهب المحدثين فإن هذا الإمام قد نقل عن أهل اللغة أن الأحسن يتناول صحبته ساعة أو أكثر وأهل الحديث قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة فوجب المصير إليه قلت: إلا أن الإسلام لا يشترط في اللغة والكفار لا يدخلون في اسم الصحبة بالاتفاق وإن رأوه صلى الله عليه وسلم وقال ابن الجوزي: الصحبة تطلق ويراد مطلقها وهو المراد في التعريف وتأكيدها بحيث يشتهر به وهي المشتملة على المحافظة والمعاشرة فإذا قلت: فلان صاحب فلان لم ينصرف يعني عرفا إلا للمؤكدة كخادم فلان وقال الأموي: الأشبه أن الصحابي من رآه وحكاه عن أحمد وأكثر أصحابنا واختاره ابن الحاجب أيضا لأن الصحبة تعم القليل والكثير فلو حلف أن لا يصحبه حنث بلحظة.
ويشمل الصحابي الأحرار والموالي والذكور والإناث لأن المراد به الجنس انظر فتح المغيث ٢/٧٩, ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>