للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا فى مجلس فنقلوا عن واحد كلاما وانفرد واحد بزيادة على الباقين مع كثرتهم وشدة عنايتهم بما سمعوه وطرحوه لأطرح السامعون تلك الرواية ولم يقبلوها وأيضا فإن الجماعة لو وافقوا هذا الراوى الواحد يقوى بموافقتهم خبره إلا إذا خالفوه أن يضعف خبره وأما دليلنا فنقول الراوى للزيادة ممن يجب قبول خبره ولا معارض لروايته فيجب قبولها كما لو انفرد برواية الحديث ولم يروه غيره معه وإنما قلنا أن من يقبل خبره لأنه اجتمع فيه العدالة والضبط وجميع الصفات المطلوبة وإنما قلنا لا معارض لروايته لأن التارك لرواية الزيادة لم ينفها ولا معنى.

أما قولنا لم ينفها لفظا فبين وأما قولنا لم ينفها معنى فلأنه لبس ألا ترى أنه لم يرو هذه الزيادة وتركه رواية هذه الزيادة لبس يجب فيه أن يكون لنفيه إياها بل يجوز أنه لم يروها لسهو اعتراه حين تكلم به النبى صلى الله عليه وسلم أو لشغل قلب أو تشاغل بعطاس أو أصغى إلى كلام آخر فإذا جاز كل هذا بطل قول من قال أن التارك للزيادة نفاها معنى واعلم أن على موجب هذه الدلالة ينبغى أن يقال أن الذى ترك رواية الزيادة لو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا بجماعتهم عن تلك الزيادة وكان المجلس واحدا أن لا يقبل رواية راوى الزيادة فإن قيل نعم تجوز هذه الوجوه التى ذكرتها ويجوز أيضا أن يكون هذا الراوى الواحد غلط فى السماع فتوهم أنه سمع تلك الزيادة من النبى صلى الله عليه وسلم ولم يكن سمعها قيل له سهو الإنسان عما سمعه وتشاغله عن سماع ما جرى بمشهد منه يكثر وأما توهم الإنسان أنه سمع شيئا ولم يكن سمعه وأن كان يجوز ولكن يندر جدا لا يلتفت إليه وقد قال الأصحاب أن الزيادة التى ينفرد بها الثقة بمنزلة الخبر الذى ينفرد الثقة بروايته فإن لم تقبل روايته لهذه الزيادة وجب إلا يقبل روايته لخبر ينفرد بروايته فإن قيل قول من يثبت الزيادة يعارض قول من ينفيها قلنا قد أجبنا عن هذا وهذا لأن القول لا يعارض بالسكوت وإنما سبيل المحدثين إذا زاد أحدهما سبيل شهود شهد بعضهم على رجل أنه أقر له فى مجلس بدرهم وشهد آخرون أنه اقر فى ذلك المجلس بدرهم ودينار فالشهادتان جميعا مقبولتان وثبت الدينار مع الدرهم ولا خلاف فى هذا بين الفقهاء وكذلك لم يختلف الفقهاء أن الشاهدين لو شهدوا على رجل أنه طلق امرأته فى مجلس وشهد جماعة أنهم كانوا حاضرين ولم يسمعوا طلاقها أن شهادة الشاهدين بالطلاق مقبولة ويثبت ما شهدوا عليه واعلم أن هذا الدليل يقتضى أن الراوى الواحد إذا كان ثقة وروى الزيادة وقد كان فى المجلس جماعة لم يرووها أن يقبل رواية من.

<<  <  ج: ص:  >  >>