للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] ومعناه خرج فلعنه واخرجه من رحمته ونهى ادم عن اكل الشجرة فاكله واخرجه من الجنة ووسمه بالعصيان ولم يحك لنا في القصة سببا يقدم به اليهما غير مطلق الأمر.

والدليل عليه أنه قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢] وقال تعالى في حق ادم: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ١٩] فدل هذا القول انهما يصيران ظالمين بمجرد ارتكاب النهى فإن قيل إنما كفر ابليس لا بمخالفة الأمر لكن بالاستكبار وانكار فضيلة ادم عليه السلام التي اكرمه الله بها والدليل عليه قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٣٤] معناه صار من الكافرين باستكباره وأما انكاره فضيلة آدم لأنه قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} .

الجواب انا لاننكر استكباره وانكاره لفضيلة ادم التى وصفها الله تعالى له لكن استدلالنا - بقوله: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] وسمه بالفسق لخروجه عن أمر ربه وايضا قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢] ووبخه بمجرد ترك الأمر لانه افاد الوجوب ولولا ذلك لم يستقم توبيخه وذمه بنسبة ذلك إلى مجرد ترك الأمر ويدل عليه أن الله تعالى قال: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] فقد حذر الله تعالى خلاف الأمر واوعد عليه وبين تعالى أن امره لنا ليس كأمر بعضنا لبعض في أنه لا يجب فإن لنا فيه الخيرة وقد قال تعالى فى موضع آخر: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] فقد نفى الله تعالى ثبوت الخيرة فى امره وانتفاء الخيرة نص في التحتيم والايجاب ويروى أنه عليه السلام دعا ابى بن كعب أو رجلا آخر من اصحابه وهو يصلى فلم يجبه فلما قضى صلاته جاء فقال لم يمنعنى من اجابتك إلا انى كنت في الصلاة فقال النبى صلى الله عليه وسلم الم تسمع قول الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ١ فأخبر أن الاجابة واجبة.


١ أخرجه البخاري التفسير ٨/١٥٨ ح ٤٦٤٧ وأبو داود الصلاة ٢/٧٢ ح ١٤٥٨ وأحمد المسند ٣/٥٤٩ ح ١٥٧٣٦ الحديث عن أبي سعيد بن المعلى ولم يذكر أبي ابن كعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>