للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شرط حسن النسخ أيضا أن يكون إزالة لنفس ما تناوله التعبد على الوجه الذى تناوله بل أن يكون النسخ فى التعبد بمثله فى وقت آخر وهذا فيه نظر لأنا نجوز نسخ الشىء قبل وقت فعله وسيأتى ذلك من بعد ونبتدىء بالقول فى جواز النسخ.

مسألة النسخ جائز فى الشرعيات.

وقالت اليهود لا يجوز ذلك وكذلك قال شرذمة من المسلمين١ وقد نسب ذلك إلى بعض الروافض من اليهود وطائفة يجوزون النسخ وتعلق من لم يجوز النسخ بأن جواز النسخ يؤدى إلى جواز البداء على الله تعالى لأنه أداء نهى عن صورة ما أمر به أو أمر بصورة ما نهى عنه يكون قد ظهر له شىء كان خاصا عليه حتى نهى عن غير ما أمر به أو أمر بغير ما نهى عنه وهذا لا يجوز على الله تعالى فيكون النسخ محض البداء وهو من صفات البشر ولا يجوز على الله تعالى قالوا: ولأن الأمر بالفعل يقتضى الفعل أبدا فإن تعلق الأمر يقتضى أن الأمر أراد ذلك فإذا لم يرد الفعل أبدا من اقتضاء الظاهر إياه كان ملبسا وإذا اقتضى الأمر الفعل أبدا فإذا نهى فى المستقبل عنه يدل نهيه أن ظهر له شىء كان خافيا عنه أو خفى عنه شىء كان ظاهرا له وهذا لا يجوز على الله تعالى وهذا الدليل قريب من الأول.

وقد قال بعضهم أن الأمر بالشىء يدل على حسنه والنهى عنه.


١ اعلم أنه قد أجمع المسلمون على أن النسخ جائز عقلا ووافع شرعا إلا ما نقل عن أبي مسلم الأصفهاني في أحد النقلين عنه من أنه غير واقع ويئول ما يراه الجمهور نسخا بأنه من باب انتهاء الحكم لانتهاء زمنه ومثل هذا لا يعتبر نسخا.
والصحيح في النقل عنه أنه واقع بين الشرائع بعضها مع بعض ولكنه غير واقع في الشريعة الواحدة. وبذلك يكون أبو مسلم مع الجمهور في أن النسخ واقع وإنما قلنا أن النقل الأخير هو الصحيح عنه لأنه هو الذي يتفق مع ما أجمع عليه المسلمون من أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع السابقة ولا يسع أبو مسلم أن يخالف هذا الإجماع.
أما اليهود فقد انقسموا إلى فرق ثلاث:
١ - قرقة الشمعونية ةهذه الفرقة ترى أن النسخ محال عقلا وسمعا.
٢ - فرقة العيسوية وترى أن النسخ جائز عقلا وواقع شرعا ولكن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ناسخة لشريعة موسى وإنما هي خاصة ببي إسماعيل.
٣ - فرقة العنانية: النسخ جائز عقلا ولكنه غير واقع سمعا.
انظر نهاية السول ٢/٥٥٤, ٥٥٥ إحكام الأحكام ٣/١٦٥ المحصول ١/٥٣٢, ٥٣٣ روضة الناظر ٦٩ المستصفى ١/١١١ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>