قال أن إيجاب صلاة سادسة نسخ للصلاة الخمس يلزمه أن يقول: أن الفرائض الشرعية كلها أوجبت فيها شيء يتضمن نسخ ما سبق وهذا لا يقوله أحد وأما إذا صرح الخطاب يكون الجلد كمال الحد فنقول أنه إذا وقع التصريح بذلك يكون أجزاء الجلد وحده حكما شرعيا فكانت إزالته نسخا وأما إذا لم يصرح بذلك بل أوجب الجلد مطلقا فإيجاب الجلد مطلقا لا يتعرض للتغريب بنفي ولا إثبات وإنما يعلم نفيه على ما ذكرنا وهو أن الأصل أن لا وجوب وإزالة حكم الأصل لا يكون نسخا وأما تعلقهم بزيادة ركعة على ركعتين أو زيادة ركعتين على الأربع فقد منع ذلك أصحابنا وزعموا أن ذلك لا يكون نسخا مثل مسألتنا وأن سلمنا فالفرق ظاهر وهو أن زيادة الركعة قد يتضمن تغير حكم الآية بوجه ما لأنه آخر الصلاة على ما ذكروا وأما هاهنا فإن إيجاب التغريب لا يتضمن تغيير حكم الآية بوجه ما لأن أجزاء الجلد باق من الحد مع إيجاب التغريب ولو قدرنا أنه وجب الجلد والتغريب إجماعا ثم جلد من غير تغريب وقع مجزيا عن الحد وإنما لا يكون حدا كاملا وقد بينا أن الآية لا تدل على الكمال ولا على النقصان ولا على البعض ولا على الكل وأيضا فإن زيادة الركعة على الركعتين أو الركعتين على الأربع يوجب نسخ وجوب الجلوس عقب الركعة الثانية وهم يقولون على هذا الجلوس الواجب موضعه آخر الصلاة وهذا إنما يتغير لو تغير آخر الصلاة ونحن نقول قد تغير آخر الصلاة والأولى ما سبق من قبل وأما طريقة أبي زيد فنقول من عرف ما ذكرناه سهل عليه الجواب عن طريقته لأن معتمد أن التغريب إذا أوجب لم يكن الجلد حدا بنفسه وقد بينا أن الآية لا تدل على كونه حدا فحسب فأما قوله بنفسه فليس معناه إلا أنه يقتضي الاتيان يكون حدا كاملا أو مجزيا وحدة وقد أجبنا عن هذا وقلنا أن الآية لا تدل على شيء من هذا والذي قال أن العقوبة والعبادة والكفارة لا تتجزأ وجوبا وفعلا قلنا كون الجلد مجزيا عن الحد ليس بمتعلق بكونه حدا كاملا بنفسه بلا جزاؤه يتناول الإيجاب إياه والشرع قد أوجب الجلد فإذا فعل بنية امتثال أمره لا بد أن يقع مجزيا وهذا كنفس المائة فانه لو ضرب الجلاد خمسين وترك فانه يكون المفعول من الواجب عليه ويكون حدا إلا أنه لا يكون حدا كاملا بل يكون بعضه وأن قالوا: لا يكون حدا أصلا حتى يكمله مائة فهذا محال بل مباشرة بعض الواجب وترك البعض متصور معقولا فلا يكون ترك مباشرة البعض من الواجب كاملا فيما باشره ونضير حقوق العباد واستيفاؤها قالوا: هذا في حقوق العباد مسلم فأما في حقوق الله تعالى.