للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يعرف نسخه بالكتاب فقد نسخ بغير الكتاب وقال الله تعالى: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩١] وقد نسخ ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا ابن خطل وأن كان متعلقا بأستار الكعبة" ١ وقال الله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: ١٤٥] وقد ينسخ هذا بما روى النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير٢ وأما دليلنا قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] والسنة لا تكون مثل القرآن ولا خيرا منه فوجب أن لا يجوز النسخ بها وأيضا فإنه تعالى قال: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] فهذا يدل على أنه هو المتفرد بالإتيان بخير من الآية وذلك لا يكون إلا [نسخا] ٣ والناسخ قرآن وأيضا فإنه تعالى قال: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: ١٠٦] وقوله: {مِنْهَا} يفيد أنه يأت من جنسه وجنس القرآن قرآن والاستدلال بالآية معتمد يدل عليه أنه تعالى ساق الآية إلى قوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وهذا يدل أن غيره يعجز عنه فإن قيل المراد من الآية نأت بخير منها أو مثلها في الثواب وقد يكون في السنة ما هو خير من المنسوخ في الثواب وربما يعبرون عن هذا فيقولون معنى الآية نأت بخير منها أو مثلها في النفع وأما قولكم أنه قال نأت فقد أضاف الإتيان بالناسخ إلى نفسه قلنا إذا دل الدليل على نسخ القرآن بالسنة فالذي أتى بذلك هو الله عز وجل ألا ترى أن الله هو الناسخ على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم كما أنه هو المثبت لسائر الشرائع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم قالوا: وعلى هذا سقط تعلقكم بقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أن الله تعالى إذا كان هو الناسخ في الحقيقة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فالقدرة في ذلك له دون غيره وأما قولهم أن قوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: ١٠٦] يقتضي أن يكون ما يأتي من جنسه قال هذا لا يفيد ما قلتم فإن الإنسان إذا قال ما أخذت منك من ثوب آتيك بما هو خير منه احتمل أن يأتيك بثوب ويحتمل أن يأتيك بشيء آخر وإذا أتاه بشيء آخر هو أنفع منه سواء كان ثوبا أو غيره.


١ أخرجه البخاري الجهاد ٦/١٩١ ح ٣٠٤٤ ومسلم الحج ٢/٩٨٩ ح ٤٥٠/١٣٥٧ بلفظ "جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه".
٢ أخرجه مسلم الصيد ٣/١٥٣٤ وأبو داود الأطعمة ٣/٣٥٤ ح ٣٨٠٣ والنسائي الصيد ٧/١٨٢ باب إباحة أكل لحوم الدجاج وابن ماجه الصيد ٢/١٠٧٧ ح ٣٢٣٤ وأحمد المسند ١/٣٢١ ح ٣١٩٦.
٣ بياض في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>