للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: وقوله اشتبه الفرق تحقيقا بين النسخ والتخصيص على كثير من الفقهاء لا بد من معرفة الفرق بينهما وهما متقاربان لأنهما يجتمعان من وجه ويفترقان من وجه فلتقاربهما اجتمعا في بعض الأحكام ولاختلافهما افترقا في بعض الأحكام والنسخ يختص بالأزمان والتخصيص يختص بالأعيان ويرفع النسخ بعض الأزمان ويرفع التخصيص بعض الأعيان وهذا الرفع في التحقيق متوجه إلى أحكام الأفعال في الأزمان والأعيان وإنما يرسل القول رفع الأزمان والأعيان على وجه المجاز لأن وجود الأعيان والأزمان في الحالين على سواء وإنما تتغير أحكام الأفعال فيهما ثم يجتمعان وأن كل واحد منهما أعني النسخ والتخصيص بيان ما لم يرد باللفظ فالمخصوص من العموم غير مراد بالعموم والمراد بالنسخ غير مراد من الخطاب.

ثم اعلم أن النسخ والتخصيص يفترقا من وجوه كثيرة.

أما التفريق بينهما في الحد فقيل أن التخصيص بيان المراد باللفظ العام والنسخ رفع الحكم بعد ثبوته ثم قد ذكر الأصحاب وجوها من التفريق بينهما.

أحدها: أن النسخ لا يكون إلا بمنفصل عن المنسوخ والتخصيص يصح ويكون بالمنفصل والمتصل.

والثاني: أن نسخ المقطوع به لا يكون إلا بالمقطوع به وهو على قول الشافعي رحمه الله لا يكون إلا بجنسه فلا ينسخ الكتاب إلا بالكتاب ولا السنة إلا بالسنة على أحد القولين أما تخصيص العموم يجوز للشيء المقطوع به وأن كان العموم مقطوعا به وبغير جنسه.

الثالث: أن النسخ لا يكون إلا قولا وخطابا والتخصيص يجوز بجميع أدلة الشرع والعقل.

والفرق الرابع: قد يصح النسخ فيما علم بالدليل أنه مراد وأن لم يتناوله اللفظ والتخصيص لا يصح إلا فيما يتناوله باللفظ.

والخامس: أن النسخ يختص بالأحكام ولا يصح في الأخبار والتخصيص يجوز فيهما.

والسادس: أن النسخ رافع لجميع الحكم والتخصيص يثبت لبعض الحكم وكذلك يجوز أن يعود النسخ إلى الشيء الواحد ولم يجز أن يعود التخصيص إلا إلى عدد أقله اثنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>