للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم ذلك في موضع على ما كان عليه من إباحة أو حظر أو وقف إلى أن يقوم الدليل الشرعى على خلاف ذلك الحكم فينقله عن حكمه وقد قال الأصحاب: إنه لا خلاف في هذا الموضع أيضا ويجوز الاستدلال بما ذكرناه حتى يقوم الدليل الشرعى على خلافه وإنما الخلاف في الحكم إذا ثبت بدليل وقع الخلاف في استدامته بحادث يحدث مثل ما ذكرنا في المتيمم ومثل المكفر يدخل في الصوم عند عدم القدرة على العتق ثم يجد الرقبة فقال قوم: يخرج من الصوم بالعتق وقال قوم: يمضى فيه ومثل الحائض ثبت في حقها أحكام الحيض قبل العشر فإذا جاوزت العشر لم تستصحب تلك الأحكام ولا يحكم بانقطاعها واستدل من تعلق باستصحاب الحال بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين أليته فيقول أحدثت أحدثت فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" ١ فقد قضى استدامة الحكم وهو استصحاب الحال ويدل عليه أنه لا خلاف أنه إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقين الطهارة وشك في الحدث فإنه يأخذ باليقين ويطرح الشك فكذلك إذا عرض الشك لوقوع الاختلاف في الحادثة لم يجز أن يرفع ما تقدم من اليقين فيها واستدل أبو بكر الصيرفى وقال: إن ابتداء الحكم ثبت بقيام الدليل عليه وفى موضع الخلاف لا يحكم بانتفاء الحكم لعدم قيام الدليل على نفيه وبيان هذا أن المتيمم إذ دخل في الصلاة فقد حكم الإجماع بصحة صلاته فإذا رأى الماء في خلال صلاته اختلفنا في حكمه فقال بعض الناس: يخرج منها وقال بعضهم: يمضى فيها والخروج حكم والمضى حكم وكل واحد منهما يحتاج إلى دليل فإذا عدم الدليل على وجوب الخروج وعدم الدليل على المضى تقابل الأمران وتساويا ولا يجوز أن يحكم بأحدهما ووجب [إبقاء] ٢ الحال على ما كانت عليه وإذا ثبت أن الخروج لا يجب وأن الحال باقية على ما كانت عليه ثبت أن المضى في الصلاة وإتمامهاواجب وقال الصيرفى ولست أقول إن الإجماع مستصحب ودل على بقاء الصلاة ووجوب المضى فيها لأن الإجماع قد زال [عند] ٣ رؤية الماء فلا يستصحب حكمه لكني أقول: لا يجب الخروج أو لا يخرج لعدم الدليل عليه ووجب تبقية الحال على ما


١ أخرجه البيهقي في الكبرى "٢/٣٦١" ح "٣٣٧" والطبراني في الكبير "١١/٢٢٢" ح "١١٥٥٦" من حديث ابن عباس نحوه.
٢ كشط في الأصل.
٣ ثبت في الأصل: عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>