للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أباح النظر إلى وجه الحرة وحرم النظر إلى شعرها مع اتفاقهما في معنى الشهوة وربما يكون هيج الشهوة عن النظر إلى الوجه أكثر منه عند النظر إلى الشعر وأوجب الغسل من المنى١ دون البول وحرم الصلاة بالحيض٢ دون الاستحاضة٣ وأوجب على الحائض قضاء الصوم دون الصلاة٤.

ببينة: أن القياس ليس إلا تشبيه الشئ بالشيء.

وقد زعمتم أن التفريق بين المتشابهين٥ لا يجوز وقد وجد التفريق بينهما في غير موضع من أحكام الشرع بدليل هذه الصورة. بل قد ترك الشرع الأولى عند النظر في المعانى بدليل أن المني نجاسته دون نجاسة البول وأوجب بخروجه الغسل وأوجب بخروج البول الوضوء خاصة وأيضا فإن الله تعالى أوجب الحد على من رمى محصنا بالزنا٦ ولم يوجب على من رمى إنسانا بالكفر والشرك شيئا٧ والكفر فوق الزنا.

ببينة: أن الله تعالى جعل أحكام الشرع متباينة كمقادير العبادات والعقوبات والكفارات ولم يشرعها نظائر ليبين لنا أن الشرع باب لا مدخل للرأي فيه.

قالوا: ولأنه ما من فرع إلا ويشبه أصلين متضادي الحكم وذلك يقتضى ثبوت حكمين في محل واحد على وفق الشبه وهذا باطل فإذا القول بالشبه باطل.

قالوا: ولأن الإنسان لو قال لوكيله: أعتق عبدى سالما لأنه أسودا أو بريعا لأنه أبيض لم يجز أن يعتق في الأول كل عبد له أسود ولا في الثانى كل عبد له أبيض.

واحتج أبو زيد لهم أيضا فقال: إن أصل الشرع من أحكام الله تعالى في الإيجاب والإسقاط والإحلال والتحريم وهى كلها خالص حق الله تعالى لأنها حدود دينية وحق الله تعالى لا ينبغى أن يثبت إلا بحجة فاصلة موجبة للعلم قطعا لأن الله تعالى لا يشتبه عليه حق والرأى لا يوصلنا إلى ما عند الله تعالى.


١ قول عامة الفقهاء انظر المغنى "١/١٩٧".
٢ انظر المغنى "١/٣١٤".
٣ انظر المغنى "١/٣٢٤".
٤ انظر المغنى "١/٣١٤".
٥ في الأصل "المتشبهين" ولعل الصواب ما أثبتناه.
٦ ذكره ابن المنذر إجماعا انظر الإجماع لابن المنذر "١١٣".
٧ قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه إذا قال الجل للرجل: يابن الكافر وأبواه مؤمنان قد ماتا أن عليه الحد انظر الإجماع لابن المنذر "١١٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>