للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ثبت بالنص لم يثبت بالتعليل. فإن قلتم: يثبت بالنص والعلة جميعا لم يصح لأن التعليل لا يصح لتغير حكم النص فكيف يصح لإبطاله؟ وهذا الذي قلتم يتضمن إبطال حكم النص لأن الحكم كان ثابتا بالنص على الاستقلال فبطل ثبوته على هذا الوجه حيث صار ثابتا به وبغيره. قالوا: وإذا لم يتضمن الإبطال فلابد أنه يتضمن التغيير ولا يجوز تغيير حكم النص المعلول بعلته وإذا لم يتغير بقى الأول بعيينه وهو ثبوت الحكم بالنص وقصره عليه قال: وهذه الفائدة حاصلة متى لم يعلل النص وعلق الحكم بعينه ولأن هذا التعليل لا يوجب الحصر لأن تعليل النص بعلة خاصة لا يمنع التعليل بأخرى عامة كما يجوز التعليل بعلتين إحديهما أكثر تعديا من الأخرى يدل عليه أن عدم العلة لا يوجب عدم حكمها على ما سنبين فإذا لم يوجب قصر الحكم على النص قالوا: ولا يجوز أن يقال: فائدته معرفة الحكمة من المشروع لأن معرفة الحكمة لا تفيد عملا وقد بينا أن التعليل للعمل ولأن الحكمة لا تكون بسبب الحكم وأما حجتنا نقول إن الدليل الذى دل على صحة العلة لم يخص موضعا دون موضع والأصل إنما يمكن تعليله صح تعليله ولأن الدليل قام على العلة والتعدى نافى صحة العلة لأن صحة العلة بدليلها وقد وجد الدليل من التأثير على ما عرف في مسألة تعليل الربا في الدراهم والدنانير بالثمنية وهذا لأن المسألة متصورة في علة تكون على هذا الوجه وقد عبر بعضهم عن هذا وقال: العلة مستجمعة لشرائطها إخالة١ ومقايسة وسلامة عن الاعتراضات في معارضات النصوص وهى على مساق العلل الصحيحة وليس فيها إلا اقتصارها وانحصارها على محل النص وحقيقة هذا تئول إلى أن النص يوافق مضمون العلة ويطابقها وهذا بأن يؤكد العلة ويشهد على صحتها أولى من أن يدل على فسادها وقد استدل عبد الجبار في هذه المسألة. وقال: إن العة إذا دلت عليها الأمارة غلب على ظننا وجه المصلحة وإن لم يتعد لأن وجوه المصلحة قد تخص نوعا واحدا وقد يتعداه كما تقول في وجه القبح والحسن كلها. يدل عليه: أن حقيقة كلام الخصم هو أن صحة العلة موقوفة على أن يجتاز الإنسان إلى الخلاف في الفرع حتى يتعدى إليه فيعمل بهذا أمر مستشنع مستقبح فأما دلائلهم فمجموع كلامهم يئول إلى أن هذا التعليل لا يفيد


١ الإخالة: هي المناسبة لأن المجتهد يخالو أي: يظن أن الوصف علة.
واعلم أن الإخالة شرط لوجوب العمل دون الجواز حتى لو عمل بها قبل ظهور التأثير نفذ ولم ينفسخ انظر حاشية التلويح على التوضيح "٢/٦٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>