للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علل فاسدة كما ذكروا للأصحاب كلام في المركبات وهى التي ذكرها في النوع الثالث وقد رأيت من الأئمة في العصر الذى أدركته من شغف بأمثال هذا وقد ملأ كتبه من ذلك ومن أمثال ذلك ما قاله بعض أصحابنا في النكاح بغير ولى أنثى فلا تزوج نفسها دليله إذا كانت بنت خمس عشرة سنة والخصم يعتقد في الأصل أنها صغيرة فتكون علة المعلل مقيسة على الصغيرة عند الخصم ولابد من كون الأصل متفقا عليه ولو اعتقد الخصم أنها كبيرة لكانت تزوج نفسها والخلاف واقع في الكبيرة وطائفة من الجدليين يصححون هذا ويقولون الحكم يتفق عليه في الأصل والمعلل علل الأنوثة وهى تعليل صحيح فقاس على أصل مسلم فتشعب المذاهب واختلافها ليس يضر ومثل هذا التعليل والدليل لا يرضى به محقق لأن المخالف يقول بنت خمس عشرة فيما أذهب إليه صغيرة ولو كانت فالقياس عليها باطل فإنه لو قال ابتداء أنثى فلا تزوج نفسها كالصغيرة يكون قياسا لأن لمعلل ذكر الأنوثة والصغر في الأصل والصغر على حاله مانع من العقد بدليل الغلام فقد ضممت إلى الأنوثة في الأصل صفة مستقلة بالحكم المطلوب فيكون مثاله ما يقول القائل في مس الذكر مس ذكره فينتقض وضوءه كما لو مس وبال فيصير التعليل باطلا لأن قياس الفرع على الأصل إنما يجوز بعلة الحكم في الأصل فأما تغيير علة الحكم في الأصل فيكون باطلا.

قالوا: وهذا إذا كانت بنت خمس عشرة سنة صغيرة على ما نقول نحن فأما إذا كانت كبيرة على ما يقولون فعندنا يجوز لها أن تزوج نفسها والتقدير لا يخلو من هذين فالعلة مترددة بين منع الحكم في الأصل على تقدير وبين سقوط العلة على تقدير فلم تصح.

صورة أخرى من التركيب الذى قاله الأصحاب وهو قولهم في البكر البالغة: بكر فيجبرها أبوها كبنت خمس عشرة سنة وهذا أمثل من الأول فإن بنت خمس عشرة سنة إن ثبت صغرها فالقياس على البكر الصغيرة جائز لأن الصغر لمجرده على مذهب الشافعى١ لا يستقل بإفادة الإجبار بدليل الثيب الصغيرة فإن قال الخصم ظني أن بنت خمس عشرة سنة صغيرة وإن كانت كبيرة لا يجبرها أبوها على النكاح فهذا كلام صحيح غير أن هذه الصورة تنفصل عن الصورة الأولى لأن في الصورة الأولى تبطل العلة على تقدير الصغر والبلوغ جميعا وفى الصورة الثانية لا تبطل على تقدير الصغر لكن يتوجه


١ انظر روضة الطالبين "٧/٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>