للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم" ١ وقوله: " إنما هو دم عرق" ٢ وفى بعض الروايات قال لبريرة: "ملكت بضعك فاختاري" ٣. وقد ذكرنا من قبل نظائر هذا.

قال: وأما الإجماع فهو دليل مقطوع به فما أجمعوا عليه من حكم أو علة وجب المصير إليه ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقضى القاضي وهو غضبان" ٤ وأجمعوا أن النهى عن ذلك لأن الغضب يشغل قلبه ويغير طبعه ويمنعه من التوفر على الاجتهاد وكذلك على مثال قوله تعالى {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] .

قال: وأما التأثير فهو أن يوجد الحكم بوجود العلة ويعدم بعدمها وذكر نظائر لهذا منها الشدة في الخمر يثبت التحريم عند وجودها وتزول بزوالهها وكذلك الرق في علة نقصان الحد يوجد النقصان بوجوده ويكمل بزواله وذكر مسائل من أمثال هذا وأورد كلاما طويلا فيما وجد تأثيره من هذا الجنس وفيما لا يوجد تأثيره من هذا الجنس وبيان هذا يدل على صحة العلة أنه يفضى إلى غلبة الظن لأنه إذا رأى الحكم يدور مع الشئ وجودا وعدما غلب على ظنه أن هذا الشئ هو الأمارة على ذلك الحكم وإذا وجد عند وجوده ولم يعدم عند عدمه لم يوجد عليه الظن.

قال: وأما شهادة الأصول مثل قولنا لا تجب الزكاة في أناث الخيل لآنه لا تجب في ذكورها فالأصول شاهدة لهذا لأنها مبنية على التسوية بين الذكور والإناث في وجوب الزكاة وسقوطها وهذا طريق يفضى إلى غلبة الظن لأن الإنسان إذا علم أن فلانا إذا أعطى بناته شيئا يعطى بنية مثلها فإذا سمع أنه أعطى البنات غلب على ظنه إعطاء البنين مثلها فثبتت أن شهادة الأصول دليل صحة العلة من هذا الوجهه وقال: ومن نظير ما ذكرناه قول المعلل من صح صلاته صح ظهارة وكذلك قوله من لزمه العشر لزمه ربع العشر في مسألة زكاة الصبى وكذلك قوله ما حرم فيه النساء حرم فيه التفرق قبل التقابض وأمثال هذا تكثر فالأصول تشهد لصحة هذا القليل وهذا الذى ذكرنا لمجموع كلامه واعلم أن إقامة الدليل على صحة العلة فصل مشكل وقد اختلف الأصوليون في


١ تقدم تخريجه.
٢ تقدم تخريجه.
٣ أخرجه الدارقطني: سننه "٣/٢٩٠" ح "١٧٠" بلفظ: "اذهبي فقد عتق معك بضعك" انظر نصب الراية "٣/٢٠٤".
٤ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>