للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخصيص يخرج العلة عن كونها أمارة والذى يبين هذا أيضا أن الإنسان لو استدل على طريقة في برية بأميال منصوبة ثم رأى ميلا لا يدل على طريقه وعلم أنه لا يدل على طريقه لأنه أسود. فإنه لا يستدل بعد على طريقه بوجود ميل دون أن يعلم أنه غير أسود فقد صح بما أردناه أن تخصيص العلة يخرجها عن كونها أمارة على الحكم ثم الذي يؤيد صحة هذه الطريقة العلل العقلية فإن تخصيصها لا يجوز بالإجماع والعلل الشرعية مع الشرع كالعقلية مع العقل. فلما لم يجز تخصيص العلة العقلية كذلك العلة الشرعية.

فإن قالوا: إنما لم يجز تخصيص العلة العقلية لا لإن الدلالة دلت على تعليق الحكم بها بل لأنها موجبة بنفسها فلا يجوز أن لا يتبعها حكمها إذا وجدت وأما العلة الشرعية أمارة والأمارات يتبعها حكمها وقد لايتبعها.

قالوا: ولا نسلم أن العلة الشرعية مع الشرع كالعقلية مع العقل [ويمكن] ١ أن يجاب عن هذا فيقال: إن العلل الشرعية موجبة أيضا مثل العلل العقلية ولا فرق عندنا [بين] ٢ العلل الشرعية والعلل العقليه. فإن العلة قط لا تكون علة بنفسها إنما تكون علة بالشرع ولولا الشرع لو لم يعرف ثبوت [شيء و] ٣ لا انتفاؤه ولا تحليل شئ ولا تحريمه بالعقل بحال وعلى قول من يقول: إن العقل موجب يقال: لهذا السائل أيضا إنكم تقولون إن الشرائع مصالح والعلل الشرعية وجوه المصالح ووجوه المصالح موجبات أيضا فلا يجوز تخصيصها أيضا كما سلمتم من العلل العقلية.

وقد قال الأصحاب: إن العلل الشرعية وإن صارت عللا بالشرع إلا أنها بعد ما صارت عللا بمنزلة العقلية في وجوب الحكم بوجودها فوجب أن تكون بمنزلتها في أن تخصيصها يوجب فسادها.

دليل آخر: وهو أن العلة طريق في إثبات الحكم في الفرع فإنا إذا علمنا أن الوصف علة الأصل ودل الدليل على التعبد بالقياس. فإن الوصف يكون طريقا إلى العلم بحكم الآخر لأن طريق العلم بالشئ أو الظن له لا يجوز حصوله في أشياء. فيكون طريقا إلى العلم أو الظن بأحدهما ولا يكون طريقا إلى ذلك في الآخر والدليل


١ كشظ في الأصل ولعل الصواب ما أثبتناه.
٢ كشظ في الأصل ولعل الصواب ما أثبتناه.
٣ كشظ في الأصل ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>