وأما القول لموجب العلة فهو سؤال صحيح إذا أخرج مخرج الممانعة وقد بينا نظيره ولابد أن توجه القول بالموجب من شريطة وهى إلى مسند الحكم الذى نصب له العلة إلى شئ مثلما يقول حنفي المذهب في ماء الزعفران: ما خالطه طاهر بالمخالطة لا تمنع صحة التوضؤ. فيقول السائل: المخالطة لا تمنع إنما المانع أنه ليس بماء مطلق وكذلك يقول شفعوى المذهب في مسألة تمكين العاملة البالغة جنون أحد الواطئين لا يوجب درأ الحد من الموصوف بالعقل كجنون الموطؤة.
فيقول السائل: بل أقول بموجبه فإن عندي الجنون غير مانع فما المانع خروج الوطء عن كونه زنا ففى مثل هذه المواضع يتوجه هذا السؤال.
فأما مع إثباته الحكم من نفى أو إثبات لا يستقيم إلا أن ينتقل السائل إلى مذهبه وقد قال جماعة من الأصوليين: إن القول الموجب ليس بسؤال ولا تبطل به العلة لأنه إذا صحت العلة وحكمها متنازع فيه فلأن تصح العلة وحكمها متفق عليه أولى وسبيل صحته أن يكون الخروج على مسلك المنع والجملة في القول بموجب العلة أن السائل إذا أمكنه القول بموجب العلة مع الاستقرار على الخلاف في الحكم فيتبين به أن المعلل لم يدل في موضع الخلاف ومثاله أن يعلل المعلل في الاعتكاف فيقول لبث في مكان مخصوص فكان من شرطه نعنى ما دليله الوقوف. فيقول: إن أقول من شروطه معنى ما هو النية فعلى المعلل أن يستدل في موضع الخلاف.