وكذلك الإثبات المفصل ينقض بالنفى المجمل يعنى المطلق ومثال الأول: أن يقول القائل في قتل المسلم بالذمى محقون الدم على التأبيد فيثبت بينهما القصاص كالمسلمين فينقض تاآخر بما إذا قتله خطأ وهذا لا يرد نقضا لأن نفى القصاص في موضع الخطأ لا يمنع من صحة التعليل من المعلل بقوله فوجب أن يكون بينهما قصاص فلا ينتفى حكم العلة بما يقوله من قول الخطأ فلم يكن نقضا.
وأما مثال الثانى: إن يقول المعلل مكلفا فلا يثبت بينهما قصاص فإذا نوقض بالمسلمين انتقض لأن ثبوت القصاص بينهما في موضع يمنع صحة التعليل بقوله فموجب أن لا يجرى القصاص وقد احترز بعضهم من النقض بقول المعلل: أنا أقول في الأصل مثل ما أقوله في الفرع ومثاله أن يقول قائل في مسألة المسلم يقتل ذميا هل يقتل فنوجب القود كالمسلم إذا قتل مسلما فينتقض بالخطأ فيقول أنا أقول في الفرع مثل ما قلته في الأصل وإنما أوجب القصاص في العمد دون الخطأ وقد أشار أبو زيد في كلامه إلى هذا الاحتراز وهذا الاحتراز باطل لأن العلل ما صرح به المعلل دون ما أضمره وكذلك الحكم وقد علل بالفسخ وصرح بالحكم بوجوب القصاص وقد ورد النقض على هذا ولم يعلل لاستواء المسلم والكافر في حكم القتل حتى يدفع النقض به فليس هذا الدفع بشئ وقد دفع بعضهم النقض بذكر الأحرار في الحكم مثال أن يقول القائل محقونا الدم على التأبيد فوجب أن يثبت بينهما القصاص إذا قتل أحدهما صاحبه عمدا فإذا نوقض بالخطأ وقال: قد احترزت بقولى في الحكم فإذا قتل أحدهما صاحبه عمدا وقد قيل أيضا: إن هذا ليس بدفع لأن المعلل قد حكم بأن علة القصاص كونهما محقونى الدم على التأبيد فحسب وأنه لا مزيد على العلة التي ذكرتها فإذا قال: وجب أن يوجب القصاص إذا كان عمدا فقد اعترف بانتقاض العلة لأن اقتران الحكم يوجد من الموضعين والحكم يتبع العلة في أحد الموضعين دون الآخر.
فإن قال هذا المعلل: لا يمتنع أن يكون حقن الدم على التأبيد يؤثر في إيجاب القصاص في العمد دون الخطأ.
قيل: إن كان ذلك يؤثر في أحد الموضعين لمعنى يختص به أحدهما فينبغى أن نذكر ذلك المعنى في جملة العلة لأن له تأثيرا في غيجاب القصاص وإن لم يكن لذلك المعنى تأثير وكانت الأوصاف المذكورة تؤثر في أحد الموضعين دون الآخر لا لأمر يفترق