العلة لا يتصور تقويها بانضمام علة أخرى إليها وإنما تتقوى بوجود صفة فيها ولهذا قلنا: إن الشهادة لا ترجح بكثرة العدد حتى أن شهادة الأربع تساوى شهادة الاثنين هذا قد منعه بعض أصحابنا ولهذا الأصل قلنا: إن صاحب النصيب القليل وصاحب النصيب الكثير في الشفعة على السواء لأن كل جزء من العرصة١ والشقص علة تامة في الاستحقاق بالشفعة فلا يترجح أحدهما بزيادة نصيبه لأنه انضمام علة إلى علة أخرى. قالوا: ولهذا لا يصير صاحب الكثير أولى بالاستحقاق من صاحب القليل ولكن ثبت استحقاقه بقدر النصيب ولا يقال إن لصاحب الكثير طرفا في الاستحقاق ولصاحب القليل طريقا واحدا فيوجب أن يقدم صاحب الكثير الذى له طرق كثيرة في الاستحقاق فدلت هذه المسألة أن نضمام علة إلى علة لا يوجب رجحان العلة. قالوا: ولهذا نقول إذا ماتت المرأة وتركت ابنى عم أحدهما زوج لها وأحدهما أخ لأم فإن صاحب القرابتين لا يترجح في الاستحقاق على الآخر بل يكون لابن العم الذى هو زوج نصف المال بالزوجية والباقى بينه وبين ابن العم الآخر نصفان وكذلك في المسألة الثانية يكون لابن العم الذى هو أخ لأم سدس المال والباقى بينهما نصفان بالعصوبة لأن الأخوة والزوجية علة على وحدة فانضمامها إلى العصوبة لا يوجب رجحان العصوبة والأصل ما بينا أن انضمام علة لا يوجب زيادة قوة في العلة قالوا: وإنما تترجح العلة بزيادة التأثير والعلة تصير علة بالتأثير فما كان أكثر تأثيرا يكون أولى بالعمل وضرب لهذا مثلا في طول الحرة وذكر ما بينا لهم في تلك المسألة وزعم أن الذى قالوا: أكثر تأثيرا وذكر أيضا مسألة غصب المنافع وحكى عن أصحاب الشافعى أنهم قالوا: لم يجب ضمان المنافع إذ أتلفت لم يجبر لأن التضمين يضمن إيجاب زيادة على المتلف في الضمان وفيه إلحاق الضرر ولكن مع هذا الإيجاب أولى لأن فلى الإيجاب إبطال من بعض حق المتلف وفى الامتناع من الإيجاب إلحاق الضرر بالمظلوم وإلحاق الضرر بالظالم أولى فكان الإيجاب أولى من الامتناع منه قال: إلا أنا نقول: إن الامتناع عن إيجاب الضمان مع كون المتلف متقوما مشروع بدليل إتلاف الحربى والباغى وأما القضاء بزيادة في الضمان غير مشروع فكان الامتناع من إيجاب الضمان أولى ولأن في الامتناع عن القضاء بإيجاب الضمان تأخير
١ قال الفيروز آبادي "والعرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء انظر القاموس المحيط " "٢/٣٠٧".