للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يبلغ مرتبة العلم للاختلاف الواقع بين الطهارتين في أحكام وشرائط قال: وإلحاق المطعومات التي لا تقدر بكيل ولا وزن طريقة الشبه عندنا فإن مسالك الإخالات مفسدة فلا يبقى إلا التشبيه ثم سبيل هذا التشبيه النظر إلى مقصود المنصوص عليه وقد لاح أن المقصود هو الطعم وبطل اعتبار الفوت لمكان الملح وسقط اعتبار القدر لأنه في الجنسين والجنس الواحد على وتيره واحدة والحكم مختلف فلاح النظر إلى المقصود وأنه العلة وهذا مع الاعتراف أنه غير مستند إلى معنى معقول وهذا ينحط عما يتعلق بغرض في العقبى كما ذكرناه في القسم الأول ولولا ما ثبت عندنا من الاضطرار إلى تعليل المنصوصات في الربا لما لاح لنا فيها معنى ولا شبه ولكن إذا اضطررنا إليه لإجماع القائسين وجدنا اتباع المقصود أقرب مسلك وهذا واقع في المرتبة الثانية.

واعلم أن الذى قاله هذا القائل ليس على ما ظنه في هذه المسائل وليس على ما رتبه أما إلحاق الأمة بالعبد في مسألة العتق وإلحاق العبد بالأمة في الحد المنصف عن الحر فقد سبق الكلام في ذلك فلا معنى للإعادة.

وأما مسألة النية في الوضوء ومسألة الربا فليس الأمر على ما زعمه في المسألتين أما النية في الوضوء فليس وجوبها بالجهة التي ظنها من فضل التقرب به إلى الله تعالى لأن تخفيف التقرب إلى الله تعالى وهو لا يثبت مستقلا بنفسه يبعد جدا وإنما الوضوء محض تعبد وسبيل التعبد أن ينظر فيه إلى الحد الذى ورد الشرع فيه فلا يتجاوز عنه والشرع أمرنا بالوضوء للصلاة لقوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] يعنى فاغسلوا للصلاة مثل قول القائل: إذا جاء الشتاء فتأهب أى للشتاء وإذا قدم فلان فاستعد إلى قدومه فعندنا يجب الوضوء للصلاة وهذا هو معنى قولنا: إن النية واجبة فيها إلا أن الدليل قد قام أن الوضوء لفعل لا يستباح إلا بالوضوء ينزل منزلة الوضوء للصلاة وإذا ثبت ما قلنا: عرف محل الخلاف فعندهم التيمم يجب للصلاة والوضوء لا يجب للصلاة وفرقوا بما عرف وهو أن الماء مفيد للطهارة بطبعه لأنه خلق لذلك فإذا استعمل أفادها بذاته ولم يفتقر إلى إرادة الصلاة وأما التيمم فلا يفيد الطهارة بذاته لأنه لم يخلق لذلك وإنما يفيدها بالشرع والشرع جاء بكونه مفيدا للطهارة إذا أراد به الصلاة فهذا فرق القوم. وأما عندنا قالوا: طهارة شرعية لا حسية.

ألا ترى: أنها تجب في موضع ليس فيه تطهير المحل من شئ محسوس وإذا كان طهارة شرعية فيتبع مورد الشرع والشرع يأمر به للصلاة فتكون طهارة شرعية إذا أريد

<<  <  ج: ص:  >  >>