للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الطريق سبب للوصول إلى المكان الذى يقصده ثم الوصول لا يكون بالطريق بل بقوة الماشى وكذلك الدلالة بحل الشىء سبب لأخذه وليس الأخذ بدلالة بل هو بقوة الأخذ وكذلك حل قيد المقيد سبب لفراره ثم ليس الفرار بحل القيد. بل هو بقوة الفار ويمكن الاستدلال على ما ذكرناه بقوله سبحانه وتعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٧٣] .

فجعل الله تعالى ضرب القتيل ببعض لحم البقرة سبب الحياة فلا أثر لذلك في الحياة وكذلك ضرب موسى البحر بالعصا صار سببا لصيرورته يبسا وضربه الحجر صار سببا لانفجار العيون من غير أن يكون ضرب العصا مؤثرا في تجفيف البحر أو انفجار الماء من صخرة صماء وتبين بهذه الأمثلة صحة قولنا في الحد الأول أنه وصل إلى المسبب مع جواز المفارقة بينهما.

ببينة: أن العصا بالضرب في البحر والحجر لم ينقلب طبعه عما كان إلى شئ آخر ليؤثر في يبس البحر أو انفجار الحجر بالضرب ولكنه صار سببا بجعل الله تعالى ذلك سببا فدل أن السبب للشئ سبب وإن لم يكن له تأثير في إيجاده بوجه ما ولأهل الكلام في هذا خوض كثير وقد جعلوا الطعام سببا للشبع والماء سببا للإرواء وليس هو بنفسه مشبعا ولا مرويا لكم المشبع والمروى هو الله تعالى على الحقيقة وهذا من حيث الاعتقاد صحيح لكنه لا يسببه النظر الأول فإن في الطعام طبع الإشباع وفى الماء طبع الإرواء والأولى هو الاقتصار على القدر الذى قلناه.

وذكر أبو سليمان الخطابى وقد كان من العلم بمكان عظيم وهو إمام من أئمة


= أنه اسم لدليل متفق عليه نصا كان أو إجماعا أو قياسا خفيا إذا وقع في مقابلةتسبق إليه الأفهام حتى لا يطلق على نفس الدليل من غير مقابلة فهو حجة عند الجميع من غير تصور خلاف ثم إنه غلب في اصطلاح الأصول على القياس الخفى خاصة كما غلب اسم القياس على القياس الجلى تمييزا بين القياسين أما في الفروع فإطلاق الاستحسان على النص والإجماع عند وقوعهما في مقابلة القياس الجلي الشائع ويرد عليه أنه لاعبرة بالقياس في مقابلة النص أ, الإجماع بالاتفاق فكيف يصح التمسك به والجواب أنه لا يصح التمسك به إلا عند عدم ظهور النص أو الإجماع.
انظر حاشيةالتلويح على التوضيح "٢/٨١, ٨٢" نهاية السول "٤/٣٩٩, ٤٠٠, ٤٠١" سلم الوصول "٤/٣٩٩, ٤٠٠, ٤٠١, ٤٠٢" المعتمد "٢/٢٩٥" إحكام الأحكام "٤/٢٠٩, ٢١٠, ٢١١" أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "٤/١٨٩, ١٩٠, ١٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>