للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه السلام: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" ١.

وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: " أعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" ٢.

والغنى يكون بالمال.

وأما الحول إنما اعتبره الشرع تيسيرا للعباد وهذا لأن المال إنما يعتبر سببا إذا أعد للنماء بسببه من تجارة أو إسامة والنمو لا يكون إلا بمدة وقام الحول مقام النمو الذى يصير به المال سببا ولما قام مقام السبب تكرر الوجوب بتكرره.

قال: وسبب وجوب الجزية الرءوس٣ بأوصاف معلومة لأمه لأنه يقال: خراج الرأس يتضاعف بعدد الرءوس.

قال: وسبب العشر الأراضى النامية وكذلك الخراج بدليل أنه يقال: عشر الأرض وخراج الأرض.

وأما الحج فسبب وجوبه البيت دون الوقت بدليل أنه لا يتكرر بتكرر الوقت ولذلك يضاف الحج إلى البيت. فيقال: حج البيت.

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] .

قال: وأما الوقت فشرط في هذا الموضع عنده يجب الحج وأما الاستطاعة فصفه للعبد عندها يحل الوجوب وكان اعتبارها تيسيرا على العباد كما في السفر بلا زاد ولا راحلة من المشقة وليست الاستطاعه بصفة لما هو سبب فلم يجعل من السبب.

ولهذا قيل: إذا عجل العبد الحج قبل الاستطاعة أجزأه٤ وتيسير الاستطاعة بملك الزاد والراحلة وقد جاز الأداء قبل ملك ذلك دل أن السبب قد وجد كما يجوز للمسافر أن يصوم قبل الإقامة لأن السبب وهو الشهر قد وجد ولذلك لا يتجدد الوجود بتجدد ملك الزاد والراحلة لأنه ليس بسبب وأما سبب وجوب صدقة الفطر


١ أصله عند البخاري ومسلم أخرجه البخاري: الزكاة "٣/٣٤٥" ح "١٤٢٦" عن أبي هريرة بلفظ "خير الصدقة ما كان ... " ومسلم: الزكاة "٢/٧١٧" ح "٩٥/١٠٣٤" عن حكيم بن حزام بلفظ البخاري وأحمد: المسند "٢/٣٠٩" ح "٧١٧٤" ولفظه.
٢ أخرجه البخاري: الزكاة "٣/٣٠٧" ح "١٣٩٥" ومسلم: الإيمان "١/٥٠" ح "٢٩/١٩".
٣ انظر الهداية "٢/٤٥٢".
٤ مذهب الحنفية أن العبد إذا حج قبل العتق وعتق لم يجزيه هذا عن حجة الإسلام انظر الهداية "١/١٤٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>