للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنعم ومنع الظلم وغير ذلك.

فأما العبادات المعروفة والكفارات والتحميدات وغاية الحدود فقد أجمعت الأمة أنها سمعية ومعنى قولهم نحن نقول إنها سمعية أنها وجبت بالسمع وهو خطاب الله تبارك وتعالى بالإيجاب فإن قالوا: نحن نقول: إنها سمعية على معنى أن الله تعالى وضع هذه الأسباب وجعلها موجبة.

قلنا قولنا: واجبات سمعية أنها وجبت بأقوال مسموعة لأن ما لا يسمع لا يكون سمعية والسمع يختص بالأقوال وإذا كان على ما قالوا لم تكن سمعية ولا عقلية إما لا يكون سمعية لأنه لم يكن وجوبها بقول يسمع وإما لم تكن عقلية لأن ما قلتم يقتضى وجوبها على من لايعقل هذه بالأسباب في حق الكل على العموم من العقلاء وغير العقلاء. ثم يدل بدليلين واقعين في أن الوجوب بالخطاب. فنقول: أمر الله تعالى مؤثر في الإيجاب لأن الله تعالى رب الخلق والفهم والخلق عبيد له وأمر المالك مؤثر في الإيجاب على العبد مثل ما تعرفه من أمرنا على عبيدنا ومماليكنا فأما زمان يأتى ويمضى وما كان يوجد ويذهب ومال يملكه العبد ويفنى لا يعرف لها تأثير في إيجاب شئ على العبد ويعنى بالأزمان أزمان الصلوات وزمان الصوم ويعنى بالمكان ما ذكروه من البيت وأنه سبب الحج ويعنى بالمال مال النصاب فلا يعرف لهذه الأشياء تأثير في إيجاب شئ منها. نعم يجوز أن يكون الزمان علامة وأمارة وكذلك المكان. أو يقال: إن الزمان ظرف العبادة والمكان مكان العبادة والمال محل الواجب من الزكاة والكفارات والنصوص التي وردت في الكتاب والسنة تذكر هذه الأشياء فإنما هى على هذا المعنى لا غير وقد ورد النص في أن الله تعالى هو الموجب للأشياء. قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن أجابوك فأعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" ١.

والحديث الآخر حديث ضمام بن ثعلبة أنه قال: يا رسول الله إن رسولك أتانا وأخبرنا أن الله تعالى فرض علينا كذا وكذا الخبر ويدل عليه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] .

وهذا نص في أن الله تعالى هو الذى أوجبه علينا فإن قيل: نحن نقول: إن الله


١ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>