الشرع بالاتفاق والوجوب الذى يدعونه لا يمكن تحقيقه إلا بإيجاب الفعل وهذا لأن الصلاة فعل والصوم فعل وكذلك سائر العبادات والكفارات في نظائر هذا والخصم يورد على هذا الواجبات التي تأخر أداؤها مثل الصوم على الحائض وعلى المسافر والمريض والصوم على المغمى عليه.
وأجبنا عن هذا: بأن في هذه المواضع لا نقول بالوجوب من قبل إنما يجب الصوم على الحائض إذا طهرت وأما المريض والمسافر فقد وجب الصوم عليهما والتأخير رخصة ونحن لا ننكر أن يتوجه الوجوب ثم تعترض رخصة مؤخرة وهذا قد قررناه في مسائل الفروع ولكن اخترنا في الأصول الجواب الأول وهو أحسن وأبين وأقطع للخصومة والمنازعة.
وأما وجوب الزكاة والكفارات عندنا في أموال الصبيان فذاك بأمر الشرع والأصل أن كل ما أدى إليه إيجابه إلى إيقاع الصبى والمجنون في كلفة وطلبه فهو موضوع عنه رحمه من قول الله تعالى وذلك كالعبادات البدنية فأما ما يكون وجوبه في الذمة والأداء بالمال ويتأدى بفعل الغير فإيجابها عليه لا يوقعه في كلفة فيجب في ذمة بخطاب الشرع وإيجابه ثم الخطاب بالأداء يتوجه على الولى دون الصبى وهذا على ما عرف في مسألة زكاة الصبى وقد اقتصرنا في الجواب على هذا القدر لئلا يطول وفى كلامه الذى حكيناه خبط عظيم وصدقة الفطر لازمة لأنه إنما يعرف صدقة الفطر بالإضافة إلى الفطر ومع ذلك لم يجعلوا الفطر سببا وفى الجزية يقال: خراج الرأس فيبقى على هذا أن لا يتكرر كما أنهم لما قالوا: إن سبب الحج هو البيت بحكم الإضافة لا يتكرر وفيما قلناه من قبل كفاية. والله أعلم.
وحين انتهى الكلام في القياس فنذكر الكلام الآن في الاجتهاد وما يتصل به.