وقد قيل: إن الاجتهاد في حق العلماء على ثلاثة أضرب:
فرض على العين وفرض على الكفاية وندب.
أما فرضه على الأعيان ففى حالتين:
إحديهما: اجتهاده في حق نفسه فيما نزل به لأن العالم لا يجوز أن يقلد في حقه ولا في حق غيره.
والحالة الثانية: اجتهاده فيما تعين عليه الحكم فيه فإن ضاق وقت الحادثة كان فرضها على الفور وإن اتسع وقتها كان فرضها على التراخى.
وأما فرضه على الكفاية ففى حالتين:
إحديهما: في حق المستفتى إذا نزلت به حادثة فاستفتى أحد العلماء كان فرضها متوجها على جميعهم وأخصهم بفرضها من خص بالسؤال عنها فإن أجاب هو عنها أو غيره سقط فرضه عن جميعهم فإن أمسكوا مع ظهور الصواب لهم أثموا وإن أمسكوا مع القياسة عليهم عذروا وإن كان فرض الجواب باقيا عند ظهور الصواب.
والحالة الثانية: أن يتردد الحكم بين قاضيين مشتركين في النظر فيكون الاجتهاد مشتركا بينهما فأيهما انفرد بالحكم سقط فرضه عنه.
وأما الندب ففى حالتين:
إحديهما: فيما يجتهد فيه العالم من غير النوازل ليسبق إلى معرفة حكمه على نزوله.
والحالة الثانية: أن يستفتيه سائل قبل وقوعها به فيكون الاجتهاد في الحالتين ندبا.