للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الثقة والأمانة في أن لا يكون متساهلا في أمر الدين فلابد منه لأنه إذا لم يكن كذلك لا يستقصى النظر في الدلائل ومن لا يستقصى النظر في الدلائل لا يصل إلى المقصود وأما الذى ذكره الأصحاب أنه لا تعتبر العدالة فيجوز أن يكون المراد ما وراء هذا وأما هذا القدر فلابد منه وقد ذكر المتكلمون كلاما في شرائط الاجتهاد على غيرهذا الوجه وهذا الذى قلناه كلام االفقهاء وهو الصحيح وحين عرفنا صفة المجتهد فنذكر صفة أقوال المجتهدين إذا اختلفوا فيما بينهم.

مسألة

قد بينا حد الاجتهاد ويمكن أن يعبر عن ذلك فيقال هو استفراغ الوسع وبذل المجهود في طلب الحكم الشرعى.

واعلم أن الأحكام ضربان: عقلى وشرعى والأولى أن يقال: أصول وفروع.

فأما أصول الدين فالحق في قول واحد منهما والثانى باطل قطعا.

وحكى عن عبد الله بن الحسن العنبرى أنه قال: كل مجتهد في الأصول مصيب١.

وكان يقول في مثبتى القدر: هؤلاء عظموا الله.

ويقول في نافى القدر: هؤلاء نزهوا الله.

وقد قيل: إن هذا القول منه في أصول الديانات التي يختلف فيها أهل القبلة ويرجع المخالفون فيها إلى آيات وآثار صحيحة للتأويل كالرؤية وخلف الأفعال وما أشبه ذلك.

وأما ما اختلف فيه المسلمون وغيرهم من أهل الملل كاليهود والنصارى والمجوس فإن في هذا الموضع نقطع بأن الحق فيما يقوله أهل الإسلام وينبغى أن يكون التأويل على هذا الوجه لأنا نظن أن أحدا من هذه الأمة [لا بد أن] ٢ يقطع بتضليل اليهود والنصارى والمجوس وأن قولهم باطل قطعا ولأن الدلائل القطعية قد قامت لأهل الإسلام في بطلان قول هؤلاء الفرق والدلائل القطعية توجب الإعتقاد القطعى فلم


١ وهو قول الجاحظ وهما محجوجان بالإجماع انظر نهاية السول "٤/٥٥٨" إحكام الأحكام "٤/٢٣٩" البرهان "٢/١٣١٦" المستصفى "٢/٣٥٤" فواتح الرحموت "٢/٣٧٦" المحصول "٢/٥٠٠" جمع الجوامع ومعه حاشية الجلال "٢/٢٨٨".
٢ زيادة ليست في الأصل لابد منها لصحة الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>