للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة واحدة في حالة واحدة وإنما كانوا من استقر له [حق أثر] ١ ذكره أو خفى عليه فأمسك عنه وأيضا فإن اعتقاد قولين مختلفين مناقضة ويمتنع أن يكون بالشئ الواحد حلالا وحراما ويمتنع أن يكون العقد الواحد صحيحا وفاسدا أو يكون الشئ الواحد مثبتا منفيا.

قالوا: وأما الروايتان عن أبي حنيفة ومالك فذلك في حالتين مختلفتين والمجتهد قد يجتهد في وقت فيؤدى اجتهاده إلى شئ ثم يجتهد في وقت آخر فيؤدى اجتهاده إلى خلافه إلا أن الثانى يكون رجوعا عن الأول ويكون الذي استقر عليه قول المجتهد هو الثانى وإن كان فتوى أو قضاء فيكون على ما قال عمر رضى الله عنه ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضى وإنما المستنكر اعتقاد قولين مختلفين في وقت واحد في حادثة واحدة فهذا طعن المخالفين في القولين وقد صنف بعضهم في ذلك تصنيفا مفردا ورأيت لأبى عبد الله البصرى الملقب يجعل في هذا الكتاب مفردا بل صنفه المعروف بالصاحب وهو إسماعيل بن عباد وإذا عرفت هذا فنقول: قد قسموا ما نسبوا إلى الشافعى رحمه الله من القولين أقساما وسنذكر تلك الأقسام حين نبين أن الذى قاله الشافعى ليس بموضع الإنكار والذى هو موضع الإنكار فإنه لا يقول به وهذا شئ ورد على طريق النقل فإن شيوخ المذهب أعلم بهذا من غيرهم.

وقال القاضي أبو الحسن الماوردى هو على أربعة عشر قسما:

أحدها: أن يقيد جوابه في موضع ويطلق في موضع آخر مثل قوله في أقل الحيض أنه يوم وليلة٢ وقال في موضع آخر: أقله يوم يريد به مع ليلة وهذا معهود في كلام العرب من وجهين جاء القرآن بهما:

أحدهما: حمل المطلق على المقيد في جنسه لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وقال في موضع آخر: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] يحمل المطلق من الشهادة على ما فيه بها.

والثاني: إطلاق ذكر الأيام يقتضى إضافة الليالى إليها كما قال تعالى: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: ٦٥] والمراد مع الليالى فعلى هذين أحد القولين يخرج من جملة الاعتراض ولا نقول أن له في المسألة قولين ومن قال أبلغ فيه


١ هكذا ثبت في الأصل "جوائر" ولعل الصواب ما أثبتناه.
٢ انظر روضة الطالبين "١/١٣٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>