للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضاء القاضى بعلمه وفى تضمين الأجير المشترك فإن مذهبه أن للقاضى أن يحكم بعلمه١ وأن لا ضمان على الأجير٢. لكن ذكر الآخر زاجرا ومرهبا وقد قال الشافعى رحمة الله عليه بعد ذكر القولين فيهما ولولا خوفى ميل القضاة وخيانة الأجراء لجعلت للقاضى أن يحكم بعلمه وأسقط الضمان عن الأجير. فعلل منع القاضى بميله وضمان الأجير بخيانته فدل أن مذهبه فيمن لم يمل من القضاة جواز حكمه بعلمه وفيمن لم يخن من الأجراء سقوط الضمان عنه وإذا صح هذا فيمن أمن ميله وخيانته ثبت حكمه فيمن خيف ميله وخيانته لعموم الحكم في الجميع ولا عيب على الشافعى بمثل هذا لأن من كان ترغيما في الدين فحقيق أن يكون زاجرا.

واعلم أن جميع هذه الأقسام لا يتوجه عليها المنكر القولين اعتراض بما أوضحناه في كل قسم منه.

والقسم الرابع عشر: وهو المختص باعتراض منكر القولين وهو أن نقول في المسألة الواحدة في الحالة الواحدة بقولين مختلفين مجمع فيهما بين قولين متضادين فيحكم بحلية الشئ في أحدهما وتحريمه في الآخر ويوجب الشئ في أحدهما ويسقطه في الآخر فهذا على ضربين أحدهما أن يميز أحد القولين بما ينبه على اختياره. والثاني: أن يطلق ولا يميز فإن ميز أحدهما بما ينبه على اختياره فهو ثلاثة أضرب:

أحدها: أن يرجح أحدهما فيقول: وبه أقول أو يقول: وهذا مما أستخير الله تعالى فيه أو يقول هذا أصح أو هو أشبه فيكون مذهبه منهما هو القول الذى أشار إلى ترجيحه.

والضرب الثاني: أن يفرع على أحدهما أو يكرر ذكره ولا يكرر ذكر الآخر فقد جعل بعض أصحابنا دليلا على الترجيح وبعض أصحابنا لم يجعله دليلا على الترجيح.

والضرب الثالث: أن يعمل بأحدهما دون الآخر فيكون عمله بذلك دليلا على أنه القول المختار. وأما الضرب الثاني: فهو إذا جمع بين القولين وأطلقهما ولم يميز أحدهما باختيار ولا ترجيح فهذا على ثلاثة أضرب:

أحدها: أن يتوقف في القولين المتعارضين لاحتمال الأدلة وتعارضهما ويعلم أن الحق


١ انظر روضة الطالبين "١١/١٥٦".
٢ انظر روضة الطالبين "٥/٢٨٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>