ألا ترى أن الفقهاء اختلفوا في التأخير بقدر بما ثبت عندهم من الدلائل مع اتفاقهم على أصل الوجوب بدخول الوقت وأما التأخير عن الوقت فتفويت لعين الوجوب إلى ذيله وتفويت الحق تعدى زائد عن ترك الأداء فيحرم كإتلاف عين الغير عنده ولهذا لا يأثم الصبى ولا يحاسب وكذلك إذا استوصف الله تعالى في حال صباه فلم يصف لا يكون كفر بعد البلوغ لأن الوصف أداء لفرض الإيمان ولا أداء عليه حال الصبا ولذلك إذا لم يستدل بالإيمان حتى بقى على جهله وإن كان في حكم المسلمين كالذى لا يعقل.
فإن قيل: إذا أسلمت امرأة الصبى الكافر عرض عليه الإسلام عندكم وإذا أبى فرق بينهما.
قلنا: ذلك السقوط الذى ذكرناه في حق الله تعالى رحمة منه دون حق العبد لأن النظر واجب لخصمه كما وجب له فمتى سقط عنه الأداء لحق الصبى تضرر به ألاخر فلم يسقط ونحن نقول في هذا الذى ذكره أن هذا كله بناء على الأصل الذى زعمه في الابتداء وقد تكلمنا عليه وعلى أنه يجوز أن يقال إن الخطاب سقط عن الصبى رحمة لكن الفرق بين البدنية والمالية بما سبق من قبل.
وقد تبين مناقضة في ابتداء كلامه فإن عندهم إن ردة الصبى صحيحة مثل ما يصح إسلامه ثم قالوا في الصبى إذا استوصف الإسلام فلم يصف لا يحكم بكفره.
وقالوا في البالغ في مثل هذه الصورة يكفر فعندهم ترك وصف الإسلام ردة بدليل البالغ ومع ذلك لم يكن ردة من الصبى.
وقولهم: إن الأداء ساقط عنه لعذر الصبى.
قلنا: إذا سقط فعل الإسلام عن الشخص لا يبقي عليه واجب آخر لأن الواجب لم يكن إلا فعل الإسلام ثم من وجب عليه الإسلام ثم لا يؤمر بالإسلام هذا مما لا يعقل ولا يتصور وجوده ولا نفيه.
ثم ذكر فصلا في بيان ما يسقط من حقوق الله تعالى بأصله قال: حقوق الله تعالى أربعة:
النظر في الآيات الدالة على الله تعالى ثم الاعتقاد على ما توجبه الدلائل ثم